للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن سيرين في الخوارج: إنهم عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة في المشركين فوضعوها على المسلمين فجاءوا ببدعة القول بالتكفير بالذنب. (١)

عندما يقول ابن سلام مثلاً في قول الله تعالى {ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم} (٢) قال الحسن: كما صنع المنافقون، فلا تصنعوا كما صنع المنافقون، فتظهروا الإيمان وتسروا الشرك، والدخل إظهار الإيمان وإسرار الشرك. يقول الهواري: {دخلا بينكم} أي: خيانة وغدرًا كما صنع المنافقون الذين خانوا الله إذا نقضوا الإيمان فقالوا ولم يعملوا، وتركوا الوفاء بما أقروا لله به والدخل الخيانة.

وإذا قال ابن سلام في قوله تعالى {وارتابت قلوبهم} (٣) أي شكت في الله عز وجل وفي دينه (٤) قال الهواري: أي: وشكت قلوبهم في أن لا يعذبهم الله بالتخلف عن الجهاد بعد إقرارهم بالله وبالنبي ... ولم يكن ارتيابهم شكًا في الله وإنما كان ارتيابهم وشكهم في أن لايعذبهم الله بتخلفهم عن نبي الله بعد إقرارهم وتوحيدهم. (٥)

ويقول ابن سلام في تفسير قول الله تعالى {إليه يصعد الكلم الطيب} (٦) أي التوحيد {والعمل الصالح يرفعه} التوحيد، لا يرتفع العمل إلا بالتوحيد. يزيد الهواري: ولا التوحيد إلا بالعمل، كقوله تعالى: {وسعى لها سعيها وهو مؤمن} (٧) والإيمان قول وعمل، لاينفع القول دون العمل. (٨)

وأحيانا نجد الهواري يضيف زيادات لتأكيد هذا المعنى، ويحمل الآية ما لاتحتمل. فقال في قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} (٩) فهو يرى في معنى التكذيب الذي ورد في الآية رأيًا خاصا. قال: وقال بعضهم: هم المنافقون وليس تكذيبهم هذا تكذيبًا بالبعث، ولكنه بالعمل الذي لم يكملوه، ولم يتموا


(١) انظر التحرير والتنوير ١/ ٥٠.
(٢) النحل: ٩٤.
(٣) التوبة: ٤٥.
(٤) كما جاء في مختصر ابن أبي زمنين ق: ١٢٧.
(٥) ١/ ٣٥.
(٦) فاطر: ١٠.
(٧) الإسراء: ١٩.
(٨) ١/ ٣٦.
(٩) الأنعام: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>