للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيبنيه الزنبور بالطين وليس فيه عسل كذلك أمثاله من حشو أهل الباطل لا خير عندهم وإن تشبهوا بأهل الحق، والضب أحد الحشرات فضرب - صلى الله عليه وسلم - جحر الضب وخشرم الدبر والدبر جماعة الزنابير كما قلنا مثلا لدعوة أشرار الناس وأوباشهم وأخبر الأمة أنهم سيسلكون في أتباعهم أمثالهم مسلك من تقدمهم من الأمم وقد فعلوا واتبعوا السفلة والأشرار وأوباش الخلق وائتموا بهم وكذبوا عليه - صلى الله عليه وسلم - فزعموا أنه قال: "أطع إمامك وإن كان أسود مجدعا " (١) فائتموا بالسودان والعبدان والأوباش والأشرار ونصبوهم أئمة من دون أولياء الله فهذا تأويل الحديث ومنه قول يعقوب ليوسف: {وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث} (٢) فأما جحر الضب وخشرم الدبر فليس مما يدخله الناس ولا يصح القول بذلك في الظاهر وقول الله تعالى: {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} (٣) له تأويل سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. (٤)

ويقول:

والصلاة مثلها مثل إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي بنى البيت الحرام ونصب المقام فجعل الله البيت قبلة والمقام مصلى وحكى قوله تعالى: {إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} (٥) وكان هذا القول هو افتتاح الصلاة للمصلين، والزكاة مثلها مثل موسى {إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى} (٦) فكان أول ما أمره الله أن يدعوه إليه أن يزكى، والصوم مثله عيسى عليه السلام وهو أول ما خاطب به أمه أن تقول لمن رأته من البشر وهو قوله الذي حكاه تعالى عنه لها: {فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا} (٧) وكان هو كذلك يصوم دهره ولم يكن يأتي النساء كما لا يجوز للصائم أن يأتيهن في حال


(١) حديث صحيح أخرجه البخاري - كتاب الأذان - باب إمامة العبد والمولى ٢/ ١٨٤ عن أنس بلفظ: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل حبشي كأن رأسه زبيبة. وأخرجه مسلم - كتاب المساجد - باب كراهية تأخير الصلاة ١/ ٤٤٨ عن أبي ذر بلفظ: إن خليلي - صلى الله عليه وسلم - أوصاني أن أسمع وأطع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف.
(٢) يوسف: ٦.
(٣) الأعراف: ٤٠.
(٤) تأويل الدعائم ص: ٥٠.
(٥) الأنعام: ٧٩.
(٦) النازعات: ١٦ - ١٨.
(٧) مريم: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>