للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبيا لأجل العصمة، فمن كان من الأولياء في مقام الإمامة قسط من أجل الحفظ، والله تعالى أعلم، ولا يتخذ عند الله العهد إلا أهل الفناء والبقاء، لأنهم بالله فيما يقولون، فليس لهم عند نفسهم إخبار، ولا مع الله قرار. (١)

وأقول: سبحان الله! ما هذه الجرأة الوقحة التي توصل صاحبها إلى أن يقول: من رآنا لاتمسه النار.

ولا أظن رجلا صالحا فضلا عن ولي لله بقول: من رآني لاتمسه النار، بل لايقول ذلك إلا فاسق جريء على ربه وقد وصف الله عباده الصالحين بقوله {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} (٢) ... إلى أن قال: {والذين يؤتون ماآتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} (٣) وقال: {فلايأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} (٤) وكان أبو بكر الصديق سيد الأولياء والعارفين يقول: لو أن إحدى قدمي بالجنة والأخرى خارجها ماأمنت مكر الله. وكان سميه عمر يقول: لو نادى مناد يوم القيامة أن ادخلوا جميعا الجنة إلا واحدا لفرقت أن أكون هو. بل إن سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - قال: "والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي" (٥). وهو مصداق لقوله تعالى {وما أدري مايفعل بي ولا يكم} (٦)

وقد غفل صاحبنا عن مصيبة وليه واشتغل بالمريد المسكين الملبس عليه.

وليت شعري من الذي يقول للولي: أصحبناك السلامة وأسقطنا عنك الملامة فاصنع ماشئت أهو رسول موحى إليه مثل الذي قال لأهل بدر ماقال؟ أم أنه هو عين القائل لسليمان {فامنن أو أمسك بغير حساب} (٧) وما أظن الذي قال للولي المزعوم ذلك إلا إبليس عليه لعنة الله.

ومن إشارته النادرة المقبولة لا لكونها تفسيرا إشاريا إنما لكونها يشملها عموم اللفظ قوله تحت آية {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} (٨):

كل من أشار إلى مقام لم يبلغ قدمه إليه، فهذا التوبيخ متوجه إليه وكل من ذكر


(١) ص: ٧٠.
(٢) المؤمنون: ٥٧.
(٣) المؤمنون: ٦٠.
(٤) الأعراف: ٩٩.
(٥) أخرجه البخاري - كتاب مناقب الأنصار - باب مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة ٧/ ٢٦٤ عن أم العلاء.
(٦) الأحقاف: ٩.
(٧) ص: ٣٩.
(٨) البقرة: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>