للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التبعية والتقليد نتيجة للعوامل الفكرية التي كانت تسيطر آنذاك، وكأن البلاد أغلقت أبوابها في وجه التيارات الجديدة منذ استقرار الأندلسيين وتوقف الارتحال إلى المشرق، وبانقطاع هذه العلاقة توقف المد الثقافي فالطالب المغربي الذي كان يبحث عن المعرفة في كل أجزاء العالم الإسلامي ويختار بنفسه مواد الدراسة، ويتصل بالعلماء للأخذ عنهم أصبح يكتفي بماهو موجود في المساجد والزوايا ويقتصر على الأخذ عن شيوخ تقليديين. وهكذا عكف الناس على المختصرات الفقهية يشرحونها ويعلقون عليها حتى أصبحت دراسة الكتب هي الهدف وضاع العلم واختفى الاجتهاد، وقد تأثرت وضعية علم التفسير بالركود العلمي الشامل الذي أصيبت به البلاد، على أن اليقظة العلمية التي سجلت بعد ذلك بفضل الاستقرار واستتباب الأمن جعلت الناس يعتنون بعلم التفسير فاهتموا على الأخص بتفسير أبي السعود الذي اشتهر وضرب به المثل في الإحاطة بعلوم الشريعة والتضلع فيها، كما اشتهر في علم التفسير الشيخ أبو عبد الله محمد زيتونة الذي وضع حاشية على تفسير أبي السعود جاوز نصفه ستة عشر جزءا (١).

[ثانيا: الجزائر]

[الدولة الزيانية (بنو عبد الواد) في المغرب الأوسط (الجزائر)]

وأول حكامها هو يغمر إسن بن زياد بن ثابت، وكان مطيعا للموحدين وعندما ضعفت دولتهم حملهم على التنازل له عن إمارة تلمسان وارتأى أبوالحسن السعيد خليفة الموحدين تأديب هذا الخارج عن سلطانه، فخرج لقتاله فقتل خليفة الموحدين وتثبتت أركان دولة بني عبد الواد وكانت هذه الدولة دائمة التعرض لمطامع الحفصيين وكذا للاصطدام بالمرينيين حكام المغرب الأقصى، حتى تمكن الحفصيون من بسط نفوذهم على المغرب الأوسط كله كما سبق وكذا تمكن المرينيون من القضاء على الدولة الزيانية باحتلالهم


(١) انظر: جامع الزيتونة ص: ٢٩، ٣٢، ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>