للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: أما (اللام) فهو من الحروف الرخوة، لكنه انحرف به اللسان مع الصوت إلى الشدة، فلم يعترض في منع خروج الصوت اعتراض الشديدة، ولا خرج معه الصوت كله خروجه من الرخوة، فسمّي منحرفًا؛ لانحرافه عن حكم الشديدة وعن حكم الرخوة، فهو بين صفتين.

وأما (الراء) فهو حرف انحرف عن مخرج النون - الذي هو أقرب المخارج إليه - إلى مخرج اللام، وهو أبعد من مخرج النون من مخرجه، فسمي منحرفًا لذلك.

قال: "وقيل: "إنما سميت الراء منحرفة ... فذكر السبب الذي سبق ذكره في اللام. انتهى. واللام أقوى انحرافًا من الراء، وانحرافهما جميعًا إلى الجهة اليمنى" (١).

فِي (اللاَّمِ وَالرَّا) وَبِتَكْرِيرٍ جُعِلْ ... وَللتَّفَشِّي الشِّيْنُ ضَادًا اسْتُطِلْ

يعني وجعل في الراء صفة تكرير فهي صفة ذاتية لها؛ فمعنى تكريرها: رُبُوُّهَا في اللفظ لا إعادتها بعد قطعها هنا، ولذلك يجب أن يتحفظ من إظهار تكريرها لاسيما إذا شددت كما سيأتي النص عليه قريبًا، وفي تقديم تكريرها على جعل إشارةٌ إلى أن الراء خُصّ بذلك، فجمع بين الانحراف والتكرير، وهو صفة لازمة للراء، ووصفت الراء بالتكرير لقبولها له، فهو وصفٌ لها بالقوة لا بالفعل، كوصفهم إنسانًا بالضحك إذا كان غير ضاحك بالفعل، باعتبار كونه قابلاً لهذه الصفة، وكوصفهم أميًا بالقراءة والكتابة نظرًا لكونه مستعدًا لها، ومُهيأ لقبولها.

قال الإمام مكي (٢): "والراء حرف قابل للتكرير، ويظهرُ تكريره جليًا إذا كان مشددًا، فيجب على القارئ أن يخفي تكريره ولا يظهره،


(١) الدر النثير، ٢٠ - ٢٥.
(٢) الرعاية، ص: ١٩٦.

<<  <   >  >>