للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأخرى: أنْ يتضمن عملاً لم يثبت بدليل شرعي، يظن بعض الناس أنّه مشروع، فهذا لا يجوز العمل به، وتأتي له بعض الأمثلة الأخرى.

وقد وافقه على ذلك العلامة الأصولي المحقق الإمام أبو إسحاق الشاطبي الغرناطي في كتابه العظيم: "الاعتصام"، فقد تعرض لهذه المسألة؛ توضيحاً وقوة بما عُرِف عنه من بيان ناصع، وبرهان ساطع، وعلم نافع، في فصْل عقده لبيان طريق الزائفين عن الصراط المستقيم، وذكر أنّها من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها، مستدلاً على ذلك بالكتاب والسنة، وأنّها لا تزال تزداد على الأيام، وأنه يمكن أن يجد بعده استدلالات أُخَر، ولا سيما عند كثرة الجهل وقلة العلم، وبعد الناظرين فيه عن درجة الاجتهاد، فلا يمكن إذن حصرها، قال (١/ ٢٢٩):

"لكنا نذكر من ذلك أوجهاً كلية يقاس عليها ما سواها".

٢٧ - من طرق المبتدِعَة الاعتماد على الأحاديث الواهية

(فمنها): اعتمادهم على الأحاديث الواهية، والمكذوب فيها على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والتي لا يقبلها أهل صناعة الحديث في البناء عليها: كحديث الاكتحال يوم عاشوراء، وإكرام الديك الأبيض، وأكل الباذنجان بنيّته (١)، وأنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تواجد واهتز عند السماع حتى سقط الرداء عن منكبيه (٢)، وما أشبه ذلك. فإن أمثال هذه الأحاديث -على ما هو معلوم- لا ينبني عليها حكم، ولا تجْعَلُ أصلاً في التشريع أبداً. ومن جعلها كذلك فهو جاهل ومخطئ في نقل


(١) هذه الأحاديث كلها موضوعة، تجد الكلام عليها في "المقاصد الحسنة" وغيرها.
(٢) حديت موضوع كما صرح به جمع، وقد خرجته في "الأحاديث الضعيفة والموضوعة" برقم (٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>