للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦ - (الترهيب من إخافة أهل المدينة أو إرادتهم بسوء).

١٢١٢ - (١) [صحيح] عن سعد رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"لا يكيدُ أهلَ المدينة (١) أحدٌ؛ إلا انماعَ كما يَنْماعُ الملحُ في الماءِ".

رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم (٢):

". . . ولا يريدُ أحدٌ أهلَ المدينةِ بسوءٍ؛ إلا أَذابَه الله في النارِ ذَوبَ الرصاصِ، أو ذوبَ الملحِ في الماءِ".

وقد روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة في "الصحاح" وغيرها.

١٢١٣ - (٢) [صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:

أن أميراً من أمراءِ الفتنةِ (٣) قدمَ المدينةَ، وكان قد ذهبَ بَصرُ جابر، فقيل لجابر: لو تنحيتَ عنه، فخرج يمشي بين ابنيه، فانكَبَّ، فقال: تَعِسَ من أَخافَ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقال ابناه أو أحدهُما: يا أَبتاه! وكيف "أخافَ رسولَ الله" وقد مات؟ فقال: سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:


(١) أي: من يريد بهم سوءاً. وقوله: "انماع كما ينماع الملح في الماء"، وجه هذا التشبيه أنه شبه أهل المدينة مع وفور علمهم وصفاء قرائحهم بالماء، وشبه من يريد الكيد بهم بالملح، لأن نكاية كيدهم لما كانت راجعة إليهم شبهوا بالملح الذي يريد إفساد الماء فيذوب هو بنفسه. والمعنى: ما أحد يكيد أهل المدينة، ويريد بهم الأذى والسوء إلا أذابة الله في النار ذوب الرصاص، ولا يستحق هذا ذاك العذاب إلا لارتكابه إثماً عظيماً. والله أعلم.
(٢) قلت: فيه إشعار بأن الرواية الأولى عند مسلم أيضاً، وليس كذلك، وإنما هو لفظ البخاري (رقم ٨٧٢ - مختصره). وإنما هي عند مسلم (٤/ ١٢٢) بمعناها. ورواها أيضاً من حديث أبي هريرة، وعنه أخرجه النسائي أيضاً في "الكبرى" (ق ٨٩/ ٢)، وأحمد (٢/ ٢٧٩ و ٣٠٩ و ٣٣٠ و ٣٥٧)، وعنده الرواية الأخرى عن سعد (١/ ١٨٤)، وكذا النسائي (٩١/ ١).
(٣) كأنه يعني فتنة الحرَّة، التي استبيحت فيها المدينة ثلاثة أيام، وكان ذلك بأمر مسلم بن عقبة، ولعله الأمير المشار إليه في الحديث، قبّحه الله وأخزاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>