للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحد الإيمان اللغوي.

قال الحافظ: والذي يظهر أنه إنما أعاد لفظ الإيمان؛ للاعتناء بشأنه، تفخيما لأمره، ومنه قوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: ٧٩] في جواب {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: ٧٨]: يعني أن قوله: "أن تؤمن" ينحل منه الإيمان، فكأنه قال: الإيمان الشرعي: تصديق مخصوص، وإلا لكان الجواب الإيمان: التصديق، والإيمان بالله: هو التصديق بوجوده، وأنه متصف بصفات الكمال، منزه عن صفات النقص. انتهى.

(وَمَلَائِكَتِهِ) معنى الإيمان بالملائكة: هو التصديق بوجودهم، وأنهم كما وصفهم الله تعالى: {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء:٢٦ - ٢٧] {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦] و {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ٢٠]، وأنهم سفراء الله بينه وبين رسله، والمتصرّفون كما أذن لهم في خَلْقه.

وقَدَّم الملائكة على الكتب والرسل؛ نظرًا للترتيب الواقع؛ لأنه سبحانه وتعالى، أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول، وليس فيه مُتَمَسَّك لمن فَضَّل الملك على الرسول. قاله في "الفتح".

(وَرُسُلِهِ) هكذا وقع في رواية المصنّف تقديم "ورسله" على "وكتبه"، ووقع في رواية مسلم وغيره بالعكس، ولا تنافي لأن الواو لا ترتيب فيها، ووقع في حديث أبي هريرة، وأبي ذرّ "وملائكته، والكتاب، والنبيين"، وكل من السياقين في القرآن، في البقرة، والتعبير "بالنبيين" يشمل "الرسل"، من غير عكس.

ومعنى الإيمان بالرسل: التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى، وأن الله تعالى أيّدهم بالمعجزات الدّالّة على صدقهم، وأنهم بلّغوا عن الله تعالى رسالاته، وبيّنوا للمكلّفين ما أمرهم الله تعالى بيانه، وأنه يجب احترامهم، وألا يُفرَّق بين أحد منهم. قاله القرطبيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>