للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولكنه عندنا تشبيهٌ ضعيف؛ لبعدِ ما بين النوافل والفرائض؛ إذ الضرورةُ تلجىء إلى إيقاعِ الفرائضِ، وَلا ضَرورةَ في النوافل.

ورأى مالك، وأبو حنيفة تخصيصَ الأمر بتحية المسجد بما عدا الوقتين المذكورين، وهو الصحيح؛ لأنه قد فُهمت علة النهي، وهو التشبيه بمن يصلِّي للشمس عندَ طلوعها، وعندَ غروبها، وإذا ثبتت هذه الكراهة، فقد تعارض في التنفل بتحية المسجد في هذين الوقتين كراهةٌ وندبٌ، وإذا لزم من فعل مندوب فعلُ مكروه، كان تركُ المندوب أولى، وكان الندبُ المذكور مختصا بما إذا لم يلزم منه فعلُ مكروه، وكان حالة الكراهة لا ندب، فيه واللَّه أعلم.

الخامس: إذا ركع الفجرَ في بيته، ثم دخل المسجدَ قبل صلاة الصبح، فهل يركع، أو لا؟

روى أشهب عن مالك: أنه يركع.

وروى عنه ابن القاسم: أنه لا يركع.

قال صاحب "البيان والتقريب": والذي رواه ابن القاسم هو الجاري على الفقه؛ لأن التنفل بعد طلوع الفجر، وقبل صلاة الصبح بغير ركعتي الفجر، مكروهٌ، ووجهُ (١) رواية أشهب: أن كراهة التنفل في هذا الوقت أخفُّ، وأنها معللة بخوف تأخيرِ صلاة الصبح عن أول الوقت، وفي مسألتنا لزم التأخيرُ لغيبة الإِمام مثلًا، أو لغير ذلك، فلا وجه لترك تحية المسجد، مع أن الصبح لابدَّ من تأخيرها، ويعتضد هذا: بأنه قد


(١) في "خ": "وحجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>