للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعظم لأجري، أو أفطر؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: "أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ يَا حَمْزَةُ" (١)، قال صاحب "المفهم": وهذا نصٌّ في التخيير (٢).

قلت: وأَيًّا ما كان، ففيه التخيير (٣)، وهذا يرد قولَ من قالَ بعدم انعقاد الصوم في السفر، من أهل الظاهر، وغيرهم، وإن كان متمسكهم قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]، فقد تأوله الجمهور بأن هناك محذوفًا تقديره: فَأَفْطَرَ، ويستدل على صحته بصومه -عليه الصلاة والسلام- في السفر، وبتخييره بينَ الصوم والإفطار في غير ما حديثٍ صحيح، ولو كان الصوم في السفر لا ينعقد، لَمَا صامَ، ولا (٤) أباحَ لغيره الصومَ فيه؛ فإن ذلك عبث، فدلَّ ذلك على أن المعنى ما قدره من الحذف، وأن القضاء إنما يلزم من أفطرَ، لا من صام، واللَّه أعلم.

ويقوي قولَ الجمهور أيضًا: قولُه -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الآخر الصحيح: "هِيَ رُخْصَة مِنَ اللَّهِ"، الحديث، وبيانُه: أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: "هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ"، الحديث يعطي بوجه الخطاب بالصوم إلى كلِّ مكلف، حاضرًا كان أو مسافرًا، ثم


(١) رواه أبو داود (٢٤٠٣)، كتاب: الصوم، باب: الصوم في السفر، والحاكم في "المستدرك" (١٥٨١).
(٢) انظر: "المفهم" للقرطبي (٣/ ١٧٨).
(٣) في "ت": "التأخير".
(٤) في "ت": "ولَمَا".

<<  <  ج: ص:  >  >>