للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتاسعها: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "وإن كان مئةَ شرطٍ": كأنه من باب قوله -تعالى-: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: ٨٠]، ومعناه -واللَّه أعلم-: لو شرط مئة مرة توكيدًا، فهو باطل؛ كما قال -عليه الصلاة والسلام- في بعض روايات "مسلم": "مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِئَةَ مَرَّةٍ".

إذا ثبت هذا، فلتعلمْ: أن الشروط المشترَطَة في البيوع على مذهب مالك رحمه اللَّه تعالي تنقسم (١) أربعة أقسام:

أحدها: ما يُفسخ به البيعُ على كلِّ حالٍ، ولا خيارَ في إمضائه لأحدِ المتبايِعَيْن، فإن كانت السلعةُ قائمةً، رُدَّتْ بعينها، وإن كانت فائتةً، صحَّ البيعُ فيها بالقيمة، بالغةً ما بلغَتْ، كانتْ أكثر من الثمن، أو أقلَّ، وهو ما آلَ البيعُ به إلى الإِخلَالِ بشرطٍ من الشروطِ المشترَطَة في صحةِ العَقْد، لعدم (٢) الرِّبا، والغرر في الثمن والمثمون، وما أشبَه ذلك.

والثاني: يُفسخُ فيه البيعُ ما دام مُشترِطُ الشرطِ مُتمسكًا بشرطه، فإن رضي بتركِ الشرط، صحَّ البيعُ، إن كان لم يَفُتْ، وإن كان قد فاتَ، كانَ فيه الأقلُّ من الثمنِ، أو القيمةِ إن كان المشتري هو مشترطَ السلَف؛ كالحكم في بيوع الثُّنْيا.

قال القاضي أبو الوليد بنُ رُشْد: هذا قول ابنِ القاسم في "المدونة".


(١) في "ت": "ينقسم".
(٢) في "ت": "لتقدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>