للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ليس له أن يتلف أموال الناس. قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله. إلا أن يكون معروفاً بالصبر فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة كفعل أبى بكر - رضي الله عنه - حين تصدق بماله، وكذلك آثر الأنصارُ المهاجرين، ونهى النبى - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال، فليس له أن يضيع أموال الناس بعلة الصدقة. وقال كعب - رضي الله عنه - قلت: يا رسول الله إنَّ من توبتى أن أنخلع من مالى صدقة إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - , قال: أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك. قلت: فإنى أمسك سهمى الذى بخيبر. انتهى كلام البخاري.
قال ابن حجر: أورد في الباب حديث أبي هريرة بلفظ " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى " وهو مشعرٌ بأن النفي في اللفظ الأول للكمال لا للحقيقة، فالحقيقة لا صدقة كاملة إلا عن ظهر غنى، وقد أورده أحمد من طريق أبي صالح بلفظ " إنما الصدقة ما كان عن ظهر غنى " وهو أقرب إلى لفظ الترجمة. وأخرجه أيضاً من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة بلفظ الترجمة قال " لا صدقة إلا عن ظهر غنى " الحديث.
ومعنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع من غير محتاج إلى ما يتصدق به لنفسه أو لمن تلزمه نفقته.
قال الخطابي: لفظ الظهر يرد في مثل هذا إشباعا للكلام، والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية، ولذلك قال بعده: وابدأ بمن تعول.
وقال البغوي: المراد غنى يستظهر به على النوائب التي تنوبه. ونحوه قولهم ركب متن السلامة. والتنكير في قوله " غنى " للتعظيم، هذا هو المعتمد في معنى الحديث.
وقيل: المراد خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيته عن المسألة، وقيل " عن " للسببية والظهر زائد، أي: خير الصدقة ما كان سببها غنى في المتصدق.
وقال النووي: مذهبنا أنَّ التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دَيْن عليه , ولا له عيال لا يصبرون، ويكون هو ممن يصبر على الإضاقة والفقر، فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه.
وقال القرطبي في " المفهم ": يرد على تأويل الخطابي بالآيات والأحاديث الواردة في فضل المؤثرين على أنفسهم، ومنها حديث أبي ذر " فضل الصدقة جهد من مقل " والمختار أنَّ معنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال بحيث لا يصير المتصدق محتاجاً بعد صدقته إلى أحد، فمعنى الغنى في هذا الحديث =

<<  <  ج: ص:  >  >>