للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول إمام الحرمين: لو كان ثابتاً لنقل متواتراً. ففيه أيضاً نظر؛ لأنَّ التواتر في مثل هذا غير لازم.

وقالوا أيضاً: يعارض حديث عائشة هذا حديث ابن عباس: فرضت الصلاة في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين. أخرجه مسلم.

والجواب: أنه يمكن الجمع بين حديث عائشة وابن عباس كما سيأتي فلا تعارض.

وألزموا الحنفية على قاعدتهم فيما إذا عارض رأي الصحابي روايته بأنهم يقولون: العبرة بما رأى لا بما روى، وخالفوا ذلك هنا، فقد ثبت عن عائشة أنها كانت تُتم في السفر. فدلَّ ذلك على أنَّ المروي عنها غير ثابت.

والجواب عنهم: أنَّ عروة الراوي عنها قد قال لَمَّا سئل عن إتمامها في السفر: إنها تأوَّلت كما تأوَّل عثمان، فعلى هذا لا تعارض بين روايتها وبين رأيها، فروايتها صحيحة ورأيها مبنيٌ على ما تأوَّلت.

والذي يظهر لي - وبه تجتمع الأدلة السابقة - أنَّ الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلاَّ المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة عقِب الهجرة إلاَّ الصبح، كما روى ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة. قالت: فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة واطمأنَّ زِيْد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة، وصلاة المغرب؛ لأنها وتر النهار. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>