للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون لأحدٍ أن يقيس حتّى يكون عالماً بما مضى قبله من السّنن وأقاويل السّلف وإجماع النّاس واختلاف العلماء ولسان العرب , ويكون صحيح العقل ليفرّق بين المشتبهات ولا يعجل، ويستمع ممّن خالفه ليتنبّه بذلك على غفلة إن كانت، وأن يبلغ غاية جهده وينصف من نفسه حتّى يعرف من أين قال ما قال.

والاختلاف على وجهين. فما كان منصوصاً لَم يحلّ فيه الاختلاف عليه، وما كان يحتمل التّأويل أو يدرك قياساً فذهب المتأوّل أو القائس إلى معنىً يحتمل وخالفه غيره، لَم أَقُل إنّه يضيّق عليه ضيق المخالف للنّصّ، وإذا قاس من له القياس. فاختلفوا وسع كلاًّ أن يقول بمبلغ اجتهاده، ولَم يسعه اتّباع غيره فيما أدّاه إليه اجتهاده.

وقال ابن عبد البرّ في " بيان العلم " بعد أن ساق هذا الفصل: قد أتى الشّافعيّ رحمه الله في هذا الباب بما فيه كفاية وشفاء. والله الموفّق.

وقال ابن العربيّ وغيره: القرآن هو الأصل، فإن كانت دلالته خفيّة نَظَرَ في السّنّة , فإن بيّنته وإلا فالجليّ من السّنّة، وإن كانت الدّلالة منها خفيّة نَظَرَ فيما اتّفق عليه الصّحابة، فإن اختلفوا رجّح فإن لَم يوجد عمل بما يشبه نصّ الكتاب والسّنة , ثمّ السّنّة ثمّ الاتّفاق ثمّ الرّاجح.

وأنشد ابن عبد البرّ لأبي محمّد اليزيديّ النّحويّ المقرئ برواية أبي عمرو بن العلاء من أبيات طويلة في إثبات القياس:

لا تكن كالحمار يحمل أسفا ... راً كما قد قرأت في القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>