قلت: ويُبعد التّأويل المذكور ما سيأتي من رواية همّامٍ في حديث أنسٍ: فأمر عشرين رجلاً فجلده كلّ رجلٍ جلدتين بالجريد والنّعال.
قوله:(فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوفٍ: أخفّ الحدود ثمانون) ووقع لبعض رواة مسلمٍ " أخفّ الحدود ثمانين ".
قال ابن دقيق العيد: فيه حذف عامل النّصب , والتّقدير جعله.
وتعقّبه الفاكهيّ , فقال: هذا بعيدٌ أو باطلٌ. وكأنّه صدر عن غير تأمّلٍ لقواعد العربيّة , ولا لمراد المتكلم إذ لا يجوز أجود النّاس الزّيدين على تقدير اجعلهم , لأنّ مراد عبد الرّحمن الإخبار بأخفّ الحدود لا الأمر بذلك , فالذي يظهر أنّ راوي النّصب وهِمَ , واحتمال توهيمه أولى من ارتكاب ما لا يجوز لفظاً ولا معنىً.
وردّ عليه تلميذه ابن مرزوق. بأن عبد الرّحمن مستشار , والمستشار مسؤل والمستشير سائلٌ , ولا يبعد أن يكون المستشار آمراً.
قال: والمثال الذي مثّل به غير مطابقٍ.
قلت: بل هو مطابقٌ لِما ادّعاه أنّ عبد الرّحمن قصد الإخبار فقط , والحقّ أنّه أخبر برأيه مستنداً إلى القياس , وأقرب التّقادير أخفّ الحدود أجده ثمانين أو أجد أخف الحدود ثمانين فنصبهما.
وأغرب ابن العطّار صاحب النّوويّ في شرح العمدة. فنقل عن بعض العلماء , أنّه ذكره بلفظ " أخفّ الحدود ثمانون " بالرّفع ,