للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بستٍّ. فذكر أربعاً من هذه الخمس , وزاد ثنتين. كما سيأتي بعد.

وطريق الجمع أن يقال: لعله اطّلع أوّلاً على بعض ما اختصّ به , ثمّ اطّلع على الباقي، ومن لا يرى مفهوم العدد حجّةً يدفع هذا الإشكال من أصله.

وظاهر الحديث يقتضي أنّ كلّ واحدة من الخمس المذكورات لَم تكن لأحدٍ قبله، وهو كذلك، ولا يعترض بأنّ نوحاً عليه السّلام كان مبعوثاً إلى أهل الأرض بعد الطّوفان؛ لأنّه لَم يبق إلاَّ من كان مؤمناً معه. وقد كان مرسلاً إليهم؛ لأنّ هذا العموم لَم يكن في أصل بعثته , وإنّما اتّفق بالحادث الذي وقع - وهو انحصار الخلق في الموجودين - بعد هلاك سائر النّاس، وأمّا نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - فعموم رسالته من أصل البعثة فثبت اختصاصه بذلك.

وأمّا قول أهل الموقف لِنُوحِ عليه السلام كما صحّ في حديث الشّفاعة " أنت أوّل رسول إلى أهل الأرض " (١) فليس المراد به عموم بعثته بل إثبات أوّليّة إرساله، وعلى تقدير أن يكون مراداً فهو مخصوص بتنصيصه سبحانه وتعالى في عدّة آياتٍ على أنّ إرسال نوح كان إلى قومه , ولَم يذكر أنّه أرسل إلى غيرهم.

واستدلَّ بعضهم لعموم بعثته بكونه دعا على جميع من في الأرض فأهلكوا بالغرق إلاَّ أهل السّفينة، ولو لَم يكن مبعوثاً إليهم لَمَا أهلكوا


(١) أخرجه البخاري (٣١٦٢) ومسلم (١٩٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>