للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّهي المعنى المشترك وهو تغيّر الفكر، والوصف بالغضب يسمّى عِلَّة بمعنى أنّه مشتمل عليه , فألحق به ما في معناه كالجائع.

قال الشّافعيّ في " الأمّ ": أكره للحاكم أن يحكم وهو جائع أو تعب أو مشغول القلب فإنّ ذلك يغيّر القلب.

فرعٌ: لو خالف فحكم في حال الغضب. صحّ إن صادف الحقّ مع الكراهة، هذا قول الجمهور، وفي الصحيحين: أنّه - صلى الله عليه وسلم - قضى للزّبير بشراج الحرّة بعد أن أغضبه خصم الزّبير.

لكن لا حجّة فيه لرفع الكراهة عن غيره لعصمته - صلى الله عليه وسلم - , فلا يقول في الغضب إلَّا كما يقول في الرّضا. (١)

قال النّوويّ في حديث اللّقطة (٢): فيه جواز الفتوى في حال الغضب , وكذلك الحكم وينفذ , ولكنّه مع الكراهة في حقّنا , ولا يكره في حقّه - صلى الله عليه وسلم - , لأنّه لا يخاف عليه في الغضب ما يخاف على غيره، وأبعد مَن قال: يحمل على أنّه تكلم في الحكم قبل وصوله في الغضب إلى تغيّر الفكر.


(١) أخرج الإمام أحمد (٦٥١٠) وأبو داود (٣٦٤٦) عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كلَّ شىء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد حفظه. فنهتني قريش , وقالوا: أتكتب كل شىء تسمعه. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتاب. فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ باصبعه إلى فيه فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلَّا حق.
(٢) حديث اللقطة تقدّم في باب اللقطة رقم (٢٩٧) من حديث زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه -. ولفظة الغضب لَم يذكرها صاحب العمدة , وهي إحدى روايات الصحيحين. بلفظ " وسُئل عن ضالة الإبل؟ فغضب واحمرت وجنتاه. فذكر الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>