للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: سُمِّيت خمراً , لأنّها تُخمَّر حتّى تدرك كما يقال: خمّرت العجين فتخمّر. أي: تركته حتّى أدرك، ومنه خمّرت الرّأي , أي: تركته حتّى ظهر وتحرّر.

وقيل: سُمِّيت خمراً لأنّها تغطّى حتّى تغلي.

ومنه حديث المختار بن فلفل , قلت لأنسٍ: الخمر من العنب أو من غيرها؟ قال: ما خمّرت من ذلك فهو الخمر. أخرجه ابن أبي شيبة بسندٍ صحيح.

ولا مانع من صحّة هذه الأقوال كلّها , لثبوتها عن أهل اللّغة وأهل المعرفة باللسان. (١)

قال ابن عبد البرّ: الأوجه كلّها موجودة في الخمرة , لأنّها تركت حتّى أدركت وسكنت، فإذا شربت خالطت العقل حتّى تغلب عليه وتغطّيه.

وقال القرطبيّ: الأحاديث الواردة عن أنس وغيره - على صحّتها وكثرتها - تبطل مذهب الكوفيّين القائلين: بأنّ الخمر لا يكون إلَّا من العنب , وما كان من غيره لا يسمّى خمراً ولا يتناوله اسم الخمر.

وهو قول مخالف للغة العرب وللسّنّة الصّحيحة وللصّحابة، لأنّهم لَمَّا نزل تحريم الخمر فهموا من الأمر باجتناب الخمر تحريم كلّ مسكر، ولَم يفرّقوا بين ما يتّخذ من العنب وبين ما يتّخذ من غيره، بل سوّوا


(١) تقدَّم نقل كلام اللغويين فيه قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>