للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجيب: بأنّه مسكوت عنه فلا يدلّ على التّنزّل فمحلّه فيما إذا لَم يرد نطقٌ بخلافه، وهنا قد ورد حديث ابن عمر وعائشة (١) بما يشعر بعدم الاكتفاء.

نعم. حديث زياد بن الحارث عند أبي داود , يدلّ على الاكتفاء، فإنّ فيه أنّه أذّن قبل الفجر بأمر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنّه استأذنه في الإقامة فمنعه، إلى أن طلع الفجر فأمره فأقام، لكن في إسناده ضعفٌ.

وأيضاً فهي واقعة عينٍ , وكانت في سفرٍ، ومن ثَمَّ قال القرطبيّ: إنّه مذهبٌ واضحٌ، غير أنّ العمل المنقول بالمدينة على خلافه. انتهى

فلم يردّه إلاَّ بالعمل على قاعدة المالكيّة.

وادّعى بعض الحنفيّة - كما حكاه السّروجيّ منهم - أنّ النّداء قبل الفجر لَم يكن بألفاظ الأذان، وإنّما كان تذكيراً أو تسحيراً كما يقع للنّاس اليوم.

وهذا مردودٌ، لكنّ الذي يصنعه النّاس اليوم محدثٌ قطعاً، وقد تضافرت الطّرق على التّعبير بلفظ الأذان، فحمله على معناه الشّرعيّ مقدّمٌ، ولأنّ الأذان الأوّل لو كان بألفاظٍ مخصوصةٍ لَمَا التبس على السّامعين. وسياق الخبر يقتضي أنّه خشي عليهم الالتباس.

وادّعى ابن القطّان: أنّ ذلك كان في رمضان خاصّةً , وفيه نظرٌ.

وفي الحديث أيضاً استحباب أذان واحد بعد واحد. وأمّا أذان اثنين


(١) حديث عائشة أخرجه الشيخان بمثل لفظ حديث ابن عمر حديث الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>