للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما أقام الأدلة (١) على وحدانيته بخلق السماوات بغير عمد، وبإسباغ نعمه الظاهرة والباطنة عليهم .. أردف ذلك ببيان أن المشركين معترفون بذلك، غير جاحدين له، وهذا يستدعي أن يكون الحمد كله له وحده، ومن يستحق الحمد هو الذي يستحق العبادة، فأمرهم عجيب، يعلمون المقدمات، ثم ينكرون النتيجة التي تستتبعها، فيعبدون من لا يستحق عبادةً، ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا من الأصنام والأوثان.

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر أنه أجرى الحكمة على لسان لقمان، ثم قفى على ذلك ببيان أنه أسبغ نعمه على عباده ظاهرةً وباطنةً، وأن له ما في السماوات وما في الأرض .. أردف ذلك ببيان أن تلك النعم وهذه المخلوبات لا حصر لها، ولا يعلمها إلا خالقها، كما قال: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}.

ولما كانت تلك النعم لا نهاية لها، وربما ظن أنها مبعثرة لا قانون لها أو أنها لكثرتها يصعب عليه تدبيرها، وتصريف شؤونها كما يريد .. دفع هذا بقوله: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ}.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر أنه سخر للإنسان ما في السماوات وما في الأرض .. ذكر هنا بعض ما فيهما بقوله: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ...} إلخ. وبعض ما في السماوات بقوله: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}. وبعض ما في الأرض بقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ} ثم ذكر أن كل المشركين معترفون بتلك الآيات، إلا أن البصير يدركها على الفور، ومن في بصيرته ضعف لا يدركها إلا إذا وقع في شدة وأحدق به الخطر، فهو إذ ذاك يعترف بأن كل شيء لإرادة الله تعالى.


(١) المراغي.