للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بها من السقوط.

والمعنى (١): فقد تعلق بأوثق ما يتعلق به من الأسباب وأقواه، وهو تمثيل لحال المتوكل على الله، المشتغل بالطاعة بحال من أراد أن يترقى إلى شاهق جبل، فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلي منه، بحيث لا يخاف انقطاعه.

وخلاصة المعنى (٢): أي ومن يعبد الله وهو متذلل خاضع، مع الإحسان في العمل بفعل الطاعات، وترك المعاصي والمنكرات. . فقد تعلق بأوثق الأسباب التي توصل إلى رضوان ربه، ومحبته وحسن جزائه على ما قدم من عمل صالح.

ثم بين العلة في أنه يلقى الجزاء الأوفى فقال: {وَإِلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى، لا إلى أحد غيره {عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}؛ أي: عاقبة أمر المتوكل وأمر غيره، فيجازيه أحسن الجزاء.

والمعنى: أي إن مصير أمور الخلائق ومرجعها إلى الله سبحانه، لا إلى غيره، فلا يكون لأحد إذ ذاك أمر ولا نهي، ولا عقاب ولا ثواب، فيجازي المتوكل عليه أحسن الجزاء، ويعاقب المسيء أنكل العذاب.

وقرأ الجمهور (٣): {وَمَنْ يُسْلِمْ} مضارع أسلم من باب أفعل، وقرأ علي بن أبي طالب والسلمي، وعبد الله بن مسلم بن يسار: {يسلم} بتشديد اللام مضارع سلم المضعف.

٢٣ - ثم سلى رسوله على ما يلقاه من أذى المشركين وعنادهم فقال: {وَمَنْ كَفَرَ} بالله من قريش أو غيرهم ولم يسلم وجه لله {فَلَا يَحْزُنْكَ} يا محمد {كُفْرُهُ} فإنه لا يضرك في الدنيا ولا في الآخرة، يقال: أحزنه من المزيد، ويحزنه من الثلاثي، كما سيأتي في مبحث التصريف، {إِلَيْنَا} لا إلى غيرنا {مَرْجِعُهُمْ} بعد الموت؛ أي: رجوعهم للمجازاة، ومعنى الرجوع إلى الله سبحانه الرجوع إلى


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.