للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للأولاد خاصةً.

وقرأ الجمهور (١): {بِالَّتِي}، فإن جمع التكسير من العقلاء وغيرهم يجوز أن يعامل معاملة المفردة المؤنثة، وقرأ الحسن: {باللاتي} جمعًا، وهو أيضًا راجع للأموال والأولاد، وقرىء {بالذي}. و {زُلْفَى} في قوله: {تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} مفعول مطلق معنوي لتقربكم منصوب به؛ أي: وليست أموالكم، ولا أولادكم بالخصلة التي تقربكم عندنا تقريبًا، بل الذي يقربكم إلينا التقوى والعمل الصالح، وقرأ الضحاك: {زلَفًا} بفتح اللام وتنوين الفاء، جمع: زلفة، وهي القربة. وقوله: {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} استثناء من مفعول {تُقَرِّبُكُمْ}؛ أي: وما الأموال والأولاد تقرب أحدًا إلا المؤمن الصالح الذي أنفق أمواله في سبيل الله، وعلم أولاده الخير، وربَّاهم على الصلاح والطاعة. وقال أبو حيان: والظاهر أنه استثناء منقطع، وهو منصوب على الاستثناء؛ أي: لكن من آمن وعمل صالحًا، فإيمانه وعمله يقربانه، والإشارة بقوله: {فَأُولَئِكَ} إلى {مَنْ}، والجمع باعتبار معناها، أي: فأولئك المؤمنون العاملون ثابت {لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ} على أن الجار والمجرور خبر لما بعده، والجملة خبر لـ {أُولَئِكَ}، وإضافة الجزاء إلى الضعف من إضافة المصدر إلى المفعول، أصله: فأولئك لهم أن يجازوا الضعف؛ أي: تضعيف الأعمال، ثم جزاء الضعف، ثم جزاء الضعف، ومعناه: أن يضاعف لهم الواحدة من حسناتهم عشرًا، فما فوقها إلى سبع مئة إلى ما لا يحصى، أو من إضافة الموصوف إلى صفته، والمعنى عليه: فأولئك لهم الجزاء المضاعف. {بِمَا عَمِلُوا}؛ أي: بسبب ما عملوا من الصالحات، {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ} أي في غرفات الجنة، وهي قصورها ومنازلها الرفيعة، {آمِنُونَ} من جميع ما يكرهون من المصائب والآفات، كالموت والهرم والمرض والعدو وغير ذلك.

وقرأ الجمهور (٢): {جَزَاءُ الضِّعْفِ} على الإضافة، أضيف فيه المصدر إلى المفعول، وقرأ قتادة والزهري ويعقوب ونصر بن عاصم: برفعهما؛ {جزاء الضعف} على أن الضعف بدل من {جزاء}، وروي عن يعقوب: أنه قرأ {جزاء} بالنصب منونًا، {والضعف} بالرفع على تقدير فأولئك لهم الضعف جزاء، أي حال


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.