للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ} والختم على الأفواه يراد به: المنع من الكلام. والأفواه جمع فم، وأصل فم فوه بالفتح. وهو مذهب سيبويه والبصريين كثوب وأثواب، حذفت الهاء حذفا على غير قياس لخفائها، ثم الواو لاعتدالها، ثم أبدل الواو المحذوفة ميما لتجانسهما؛ لأنهما من حروف الشفة، فصار فم. فلما أضيف رد إلى أصله ذهابا به مذهب أخواته من الأسماء. وقال الفراء: جمع فوه بالضم كسوق وأسواق، اهـ من «الروح».

{لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ} طمس الشيء: إزالة أثره بالكلية. يقال: طمسته؛ أي: محوته، واستأصلت أثره كما في «القاموس». {فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ} الاستباق افتعال من السبق. والصراط من السبيل: ما لا التواء فيه، بل يكون على سبيل القصد؛ أي: ابتدروا إلى الطريق المألوف لهم.

{وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ} المسخ تحويل الصورة إلى ما هو أقبح منها، سواء كان ذلك التحويل، بقلبها إلى صورة البهيمية، مع بقاء الصورة الحيوانية، أو بقلبها حجرا ونحوه من الجمادات، بإبطال القوى الحيوانية. {عَلى مَكانَتِهِمْ}؛ أي: في أماكنهم حيث يجترحون القبائح، والمكانة، بمعنى: المكان، إلا أن المكانة أخص، كالمقامة والمقام. {فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا} أصله: مضوي بزنة فعول، قلبت الواو ياءً وأدغمت الياء في الياء، وكسرت الضاد قبل الياء لتسلم الياء. ومن قرأ {مضيا} بكسر الميم، فإنما كسرها اتباعًا للضاد.

{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ}؛ أي: ومن نطل عمره في الدنيا. والعمر: مدة عمارة البدن بالروح. {نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} من التنكيس، وهو أبلغ من النكس، والنكس أشهر. وهو قلب الشيء على رأسه، ومنه: نكس الولد إذا خرج رجله قبل رأسه. والنكس في المرض: أن يعود في مرضه بعد إفاقته. والنكس في الخلق: الرد إلى أرذل العمر.

{وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ} قال الراغب: يقال: شعرت أصبت الشعر، ومنه استعير شعرت كذا؛ أي: علمت علما في الدقة كإصابة الشعر. وسمي الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته. يقال: شعر به كنصر وكرم علم به، وفطن له، وعقله. وفي