للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مخطئين في نفس الأمر، عن الهدى وطلب الحق، ليس لهم ما يصلح شبهة، فضلا عن صلاحية الدليل، فقلدوهم في ضلالاتهم وجهالاتهم،

٧٠ - {فَهُمْ}؛ أي: الكافرون الظالمون بسبب تقليدهم آباءهم {عَلى آثارِهِمْ}؛ أي: على آثار الآباء وأعقابهم {يُهْرَعُونَ}؛ أي: يسرعون من غير أن يتدبروا أنهم على الحق، أو لا، مع ظهور كونهم على الباطل بأدنى تأمل، والإهراع: الإسراع الشديد، كأنهم يزعجون ويحثون حثا على الإسراع على آثارهم.

والمعنى: يتبعون آباءهم في سرعة، كأنهم يزعجون إلى اتباع آبائهم، وفي هذا دليل، على أن التقليد شؤم على المقلد، وعلى من يتبعه، فالإنسان لا سعادة له إلا بالنظر، والبحث في الحقائق الدنيوية والأخروية، ولو لم يكن في القرآن آية، غير هذه في ذم التقليد، لكفت.

٧١ - {وَلَقَدْ} جواب قسم محذوف؛ أي: وعزتي وجلالي لقد {ضَلَّ قَبْلَهُمْ}؛ أي: قبل قومك قريش {أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ} من الأمم السابقة، أضلهم إبليس، ولم يذكر لأن في الكلام دليلًا، فاكتفي بالإشارة.

والمعنى: أي ولقد ضل قبل قريش كثير من الأمم الماضية، فعبدوا مع الله تعالى آلهة أخرى، كما فعل قوم إبراهيم، وقوم هود، وقوم صالح.

٧٢ - ثم ذكر رحمته بعباده، وأنه لا يؤاخذهم إلا بعد إنذار، فقال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) أي: وعزتي وجلالي، لقد أرسلنا في أولئك الأولين رسلًا أولي عدد كثير، ذوي شأن خطير، بيَّنوا لهم بطلان ما هم عليه، وأنذروهم عاقبته الوخيمة، وأوضحوا لهم الحق. فلم ينجح ذلك فيهم،

٧٣ - {فَانْظُرْ} يا محمد، أو أيها المخاطب {كَيْفَ كانَ}؛ أي: أي حالة كانت {عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}؛ أي: آخر أمر الذين أنذروا من عذاب الله تعالى، فلم يلتفتوا إلى الإنذار، ولم يرفعوا له رأسًا من الدمار والهلاك، فقد دمرهم الله تعالى، ونجى المؤمنين ونصرهم.

والخطاب (١): إما للرسول، أو لكل أحد ممن يتمكن من مشاهدة آثارهم،


(١) روح البيان.