للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عذابنا، فيستعجلون به.

١٧٧ - {فَإِذا نَزَلَ} العذاب الموعود {بِساحَتِهِمْ}؛ أي: بفنائهم، وقربهم، وحضرتهم، كأنه جيش قد هزمهم، فأناخ بفنائهم بغتة. {فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ}؛ أي: قبح وبئس صباح الكافرين، الذين أنذروا بعذابنا، وكذبوا به فلم يؤمنوا، والمخصوص بالذم: صباحهم، واللام فيه: للجنس. فإن أفعال المدح والذم تقتضي الشيوع، والإبهام، والتفصيل، فلا يجوز أن تكون للعهد، والصباح: مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب، ولما كثرت منهم الإغارة في الصباح سموها صباحًا وإن وقعت ليلًا.

وقرأ عبد الله: {فبئس}. قال الزجاج: وكان عذاب هؤلاء بالقتل. قيل: المراد به: نزول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بساحتهم يوم فتح مكة.

وقرأ الجمهور (١): {نزل} مبنيًا للفاعل.

وقرأ عبد الله بن مسعود على البناء للمفعول، والجار والمجرور قائم مقام الفاعل، وعن أنس رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر، فلما دخل القرية قال: «الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، قالها ثلاث مرات». متفق عليه.

١٧٨ - ثم كرر سبحانه ذكر ما تقدم، تأكيدًا لوعيد العذاب، فقال: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ}؛ أي: أعرض عنهم يا محمد {حَتَّى حِينٍ}. وقيل: المراد من الآية الأولى: ذكر أحوالهم في الدنيا، وهذه ذكر أحوالهم في الآخرة. فعلى هذا القول يزول التكرار.

١٧٩ - {وَأَبْصِرْ} العذاب إذا نزل بهم {فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} ما سيحل بهم من فنون العذاب.

وهذا (٢): تسلية لرسوله - صلى الله عليه وسلم - إثر تسلية، وتأكيد لوقوع الميعاد غب تأكيد مع ما في إطلاق الفعلين عن المفعول، من الإيذان بأن ما يبصره عليه السلام، من فنون المسار، وما يبصرون من أنواع المضار، لا يحيط به الوصف والبيان، وفي «البرهان»: حذف الضمير من الثاني اكتفاء بالأول.


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.