للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منها: ما روي (١): أن جماعة من الأعداء، طمعوا في أن يقتلوا نبي الله، داود عليه السلام، وكان له يوم يخلو فيه بنفسه، ويشغل بطاعة ربه، فانتهزوا الفرصة في ذلك اليوم، وتسوروا المحراب، فلما دخلوا عليه وجدوا عنده أقواما يمنعونه منهم، فخافوا فوضعوا كذبا، فقالوا: {خَصْمانِ}؛ أي: نحن فريقان إلى آخر القصة. فعلم عليه السلام غرضهم، فهمّ أن ينتقم منهم، فاستغفر ربه مما هم به من الانتقام منهم. وقيل: إن دخولهم على داود كان فتنة له، إلا أنه عليه السلام، استغفر لذلك الداخل، العازم على قتله.

ومنها: أن أوريا بن حنانا، كان قد خطب امرأة، اسمها نشابع بنت شايع، فأجابوه، ثم خطبها داود، في حال غيبة أوريا في غزواته، فزوجت نفسها منه عليه السلام لجلالته، فعُوتب على ذلك، وعلى هذا القول فمعنى {وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ}؛ أي: غلبني في خطبة امرأة.

ومنها: ما قيل: كان أهل زمان داود عليه السلام، يسأل بعضهم بعضًا أن يطلق له امرأته، حتى يتزوجها إذا أعجبته، وكان داود عليه السلام، ما زاد على قوله لأوريا: انزل لي عن امرأتك. وذلك أنه وقع بصره على تلك المرأة من غير قصد، فأحبها، ومال قلبه إليها، فسأل زوجها النزول عنها، فاستحيا أن يرده، ففعل فتزوجها، وهي أم سليمان عليه السلام، وكانت من أجمل النساء، وكان ذلك جائزًا في شريعته، معتادًا فيما بين الناس غير مخل بالمروءة، وعلى هذا فمعنى {أَكْفِلْنِيها}: انزل لي عن تلك النعجة الواحدة، وأعطنيها، فعوتب داود بشيئين:

أحدهما: خطبته على خطبة أخيه المؤمن.

والثاني: إظهار الحرص على التزوج مع كثرة نسائه، وهذا وإن كان جائزًا في شريعته، إلا أنه لا يليق بجنابه عليه السلام. فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين.


(١) المراح.