للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحاصل معنى الآية (١): أن لأهل النار حميمًا وغساقًا، وأنواعًا أخر من العذاب، من مثل الحميم والغساق في الشدة والفظاعة، وفي «التأويلات النجمية»؛ أي: فنون أخر، مثل ذلك العذاب، كائن لهم، يشير به إلى أن لكل نوع من المعاصي، نوعًا آخر من العذاب، كما أن كل بذر يزرعونه يكون له ثمرة تناسب البذر.

والمعنى (٢): أي ليس الأمر مقصورًا على هذا فحسب، بل لهم فيها أشباه، وأمثال من مثله فظاعةً وشدةً، كالزقوم، والسموم، والزمهرير.

وقرأ الجمهور (٣): {وَآخَرُ} على الإفراد. فقيل: مبتدأ خبره محذوف تقديره: ولهم عذاب آخر، وقيل: خبره الجملة بعده؛ لأن قوله: {أَزْواجٌ} مبتدأ، و {مِنْ شَكْلِهِ}: خبره، والجملة خبر {آخَرُ}، وقيل: خبره {أَزْواجٌ}، و {مِنْ شَكْلِهِ}: في موضع الصفة، وجاز أن يخبر بالجمع عن الواحد، من حيث هو درجات، ورتب من العذاب، أو سمي كل جزء من ذلك الآخر، باسم الكل. وقرأ الحسن، ومجاهد، والجحدري، وابن جبير، وعيسى، وأبو عمرو: {وأخر} بضم الهمزة على الجمع، وهو مبتدأ، و {مِنْ شَكْلِهِ} في موضع الصفة، و {أَزْواجٌ}: خبره؛ أي: ومذوقات أخر من شكل هذا المذوق، ومثله في الشدة والفظاعة أزواج وأجناس كثيرة. وأنكر (٤) أبو عمرو على الجمهور قراءتهم بالإفراد {وَآخَرُ} مفردًا مذكرًا لقوله: {أَزْواجٌ}. وأنكر عاصم الجحدري قراءة أبي عمرو، وقال: لو كانت كما قرأ لقال: من شكلها. وقرأ مجاهد: {مِنْ شَكْلِهِ} بكسر الشين، والجمهور بفتحها، وهما لغتان بمعنى: المثل، والضرب.

٥٩ - وقال خزنة جهنم لرؤساء الكفار في أتباعهم، إذا دخلوا النار: {هذا} الجم الغفير {فَوْجٌ} وجمع {مُقْتَحِمٌ} وداخل {مَعَكُمْ} في النار؛ أي (٥) هذا جمع


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.
(٤) الشوكاني.
(٥) روح البيان.