للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للمدعو عليهم، وانتصابه على أنه مفعول به لفعل مقدر؛ أي: لا يصادفون رحبًا وسعةً، أو لا يأتون رحب عيش، ولا وسعة مسكن، ولا غيره.

وحاصله: لا كرامة لهم، أو على المصدر؛ أي: لا رحبهم عيشهم. ومنزلهم رحبًا بل ضاق عليهم، يقول الرجل لمن يدعوه: مرحبًا؛ أي: أتيت رحبًا من البلاد، وأتيت واسعًا وخيرًا كثيرًا قاله الكاشفي. وقال غيره: يُقصد به: إكرام الداخل، وإظهار المسرة بدخوله، ثم يدخل عليه كلمة {لا} في دعاء السوء.

وفي بعض شروح الحديث: التكلم بكلمة {مَرْحَبًا} سنة اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال: مرحبًا يا أم هانىء حين ذهبت إلى رسول الله عام الفتح. وهي بنت أبي طالب، أسلمت يوم الفتح، ومن أبواب الكعبة باب يسمى باب أم هانىء، لكون بيتها في جانب ذلك الباب، وقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم -، قد عُرج به من بيتها.

وقال أبو حيان: والظاهر (١): أن قوله: هذا فوج مقتحم معكم، من قول رؤسائهم بعضهم لبعض. والفوج: الجمع الكثير، وهم الأتباع، ثم دعوا عليهم بقولهم: لا مرحبًا بهم؛ لأن الرئيس إذا رأى الخسيس قد قُرن معه في العذاب .. ساءه ذلك حيث وقع التساوي في العذاب، ولم يكن هو السالم من العذاب وأتباعه في العذاب.

والحاصل: أن الله سبحانه، بعدما وصف مساكنهم ومشاربهم، حكى ما يتناجون به، ويقوله بعضهم لبعض؛ أي: هم يتلاعنون، ويتكاذبون. فتقول الطائفة التي دخلت قبل الأخرى، حين تُقبل التي بعدها مع الخزنة والزبانية: هذا جمع كثيف داخل معكم، فلا مرحبا بهم. قال ابن عباس في تفسير الآية: إن القادة إذا دخلوا النار، ثم دخل بعدهم الأتباع، تقول الخزنة للقادة: هذا فوج داخل النار معكم، فيقول السادة: لا مرحبًا بهم، والمراد بذلك الدعاء عليهم. قال النابغة:

لَا مَرْحَبًا بِغَدٍ وَلا أَهْلًا بِهِ ... إِنْ كَانَ تَفْرِيْقُ الأَحِبَّةِ فِيْ غَدِ

٦٠ - ثم علل استيجاب الدعاء عليهم بقوله: إنهم صالوا النار؛ أي (٢): إنهم


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.