للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المؤاخذة بها، وما جاء على فعال، فمشعر بترداد الفعل، وخاصية هذا الاسم: وجود المغفرة، فمن ذكره إثر صلاة الجمعة مئة مرة، ظهرت له آثار المغفرة. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب». وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تضوّر من الليل، قال: «لا إله إلا الله الواحد القهار، رب السموات والأرض وما بينهما، العزيز الغفار». ومعنى تضوّر: تلوّى إذا قام من النوم.

ومعنى قوله: {قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ}؛ أي: قل (١) أيها الرسول لمشركي مكة: إنما أنا نذير، مرسل من ربي، لأحذركم مخالفة أوامره، حتى لا يحل بكم من العقاب، مثل ما حل بالأمم قبلكم، كعاد، وثمود، ولست بالساحر، ولا بالكذاب ولا بالمسيطر الجبار، على نحو ما جاء في قوله: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) وقوله: {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ}، وبعد أن ذكر وظيفة الرسول، ذكر ما يبلّغه للناس، فقال: {وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ} إلخ؛ أي: إنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو الذي قهر كل شيء، وغلبه بعزته وجبروته، وهو مالك السموات والأرض وما بينهما، وهو الذي يغلب ولا يغلب، ويغفر الذنوب لمن يشاء من عباده، إذا تاب جلّت أو حقرت.

٦٧ - ثم توعدهم على مخالفته، وترك العمل به، وأمر رسوله أن يجلي لهم حقيقة وظيفته، ليرعووا عن غيهم، ويتوبوا إلى رشدهم، فقال: {قُلْ} يا محمد لمشركي مكة {هُوَ}؛ أي (٢): هذا القرآن، وما أنبئكم به من أمر التوحيد، والنبوة، وأخبار القيامة، والحشر، والجنة، والنار، وغيرها. {نَبَأٌ عَظِيمٌ} وشأن عظيم؛ لأنه كلام الرب القديم، وارد من جانبه الكريم، يدل على صدقي في دعوى النبوة، والنبأ: كل ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى، ولا يستعمل إلا في خبر، ذي فائدة عظيمة.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.