للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حيان (١): الضمير في قوله: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ} يعود على ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، من كونه رسولًا منذرًا، داعيًا إلى الله تعالى، وأنه تعالى هو المنفرد بالألوهية، المتصف بتلك الأوصاف، من الوحدانية، والقهر، وملك العالم، وعزته، وغفرانه، وهو خبر عظيم، لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة. وقال ابن عباس: النبأ العظيم: القرآن الكريم، وقال الحسن: يوم القيامة، وقيل: قصص آدم، والإنباء به من غير سماع من أحد، وقال صاحب التحرير: سياق الآية وظاهرها: أنه يريد بقوله: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧)} ما قصه الله تعالى من مناظرة أهل النار، ومقاولة الأتباع مع الرؤساء؛ لأنه من أحوال البعث، وكانت قريش تنكر البعث، والحساب، والعقاب، وهم عن ذلك معرضون.

٦٨ - وجملة قوله: {أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨)} لا تتفكرون فيه، وتعدونه كذبًا لغاية ضلالتكم وغاية جهالتكم، فلذا لا تؤمنون به مع عظمته، وكونه موجبًا للإقبال الكلي عليه، وتلقيه بحسن القبول، فالتصديق فيه نجاة، والكذب فيه هلكة، توبيخ لهم، وتقريع لكونهم أعرضوا عنه.

والمعنى (٢): أي قل لهم يا محمد: إن ما أنبأتكم به، من كوني رسولًا منذرًا، ومن أن الله واحد لا شريك له، خبر عظيم الفائدة لكم، فهو ينقذكم مما أنتم فيه من الضلال، لكنكم معرضون عنه، لا تفكرون فيه، لتماديكم في الغفلة، وفي هذا تنبيه إلى ما هم فيه من الخطأ، علّهم يرجعون عن غيهم.

٦٩ - ثم ذكر من الأدلة ما يرشد إلى نبوته، فقال: {مَا كَانَ لِي} قرأ حفص عن عاصم بفتح الياء، والباقون بإسكانها. وهو كلام مستأنف، مسوق لتقرير أنه نبأ عظيم؛ أي: ما كان لي فيما سبق {مِنْ عِلْمٍ}؛ أي (٣): علم ما بوجه من الوجوه، على ما يفيده حرف الاستغراق {بِالْمَلَإِ الْأَعْلى}؛ أي: بحال الملأ الأعلى، وهم الملائكة، وآدم عليهم السلام، وإبليس عليه اللعنة، سموا بالملأ الأعلى؛ لأنهم


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.