للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العذاب السيء الشديد {يَوْمَ الْقِيامَةِ} لكون يده التي بها كان في الدنيا يتقي المكاره، والمخاوف مغلولة إلى عنقه كمن هو آمن من العذاب لا يعتريه مكروه، ولا يحتاج إلى الاتقاء بوجه من الوجوه؛ أي: لا يستويان، فإن الأول في النار، والثاني في الجنة، قال الزجاج: المعنى: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب، كمن يدخل الجنة، قال عطاء، وابن زيد: يُرمى به مكتوفًا في النار، فأول شيء تمس النار منه وجهه، وقال مجاهد: يجر على وجهه في النار، وقال الأخفش: المعنى: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب أفضل أمّن سعد.

ثم ذكر ما ينال الكفار والعاصين، من الإهانة في ذلك اليوم. فقال: {وَقِيلَ} تهكمًا واستهزاءً {لِلظَّالِمِينَ}؛ أي: تقول الخزنة لمن ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي: {ذُوقُوا}؛ أي: باشروا {ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ}؛ أي: وبال ما كسبت في الدنيا، ودسيتم به أنفسكم، حتى أوقعتموها في الهاوية النار الحامية، وجملة {قِيلَ} معطوفة على جملة {يَتَّقِي}، وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق، ووضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالظلم، والإشعار بعلة الأمر في قوله: {ذُوقُوا}.

وعبارة «المراح» هنا: وتقدير (١) الكلام: أكل الناس سواء، فمن يجعل وجهه قائما مقام الدرقة، يقي به نفسه العذاب الشديد يوم القيامة، وتقول لهم خزنة النار: ذوقوا عذاب ما كنتم تكسبونه في الدنيا، كمن هو آمن من العذاب؛ أي: لا يستويان.

قيل (٢): يلقى الكافر في النار مغلولة يداه إلى عنقه، وفي عنقه صخرة من كبريت، مثل الجبل العظيم، فتشتعل النار فيها وهي في عنقه، فحرها على وجهه، لا يطيق دفعها عنه، للأغلال التي في يديه وعنقه، قيل: نزلت هذه الآية في أبي جهل، وأضرابه.

٢٥ - ثم أخبر سبحانه عن حال من قبلهم من الكفار، فقال: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ


(١) المراح.
(٢) المراح.