للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيض له من يدافع عنه من آل فرعون أنفسهم، ويذب عنه على أكمل الوجوه وأحسنها، ويبالغ في تسكين تلك الفتنة، ويجتهد في إزالة ذلك الشر.

التفسير وأوجه القراءة

٢٣ - ثم ذكر سبحانه قصة موسى وفرعون ليعتبروا بها، فقال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى}؛ أي: وعزّتي وجلالي لقد أرسلنا موسى بن عمران حال كونه متلبسًا ومؤيدًا {بِآيَاتِنَا} وهي المعجزات التسع {و} بـ {سُلْطَانٍ مُبِينٍ}؛ أي: وبحجةٍ قاهرةٍ ظاهرة واضحة، وهي العصا، وأفردها بالذكر مع اندراجها تحت الآيات، تفخيمًا لشأنها، فهو من قبيل عطف الخاص على العام.

وقيل (١): هو التوراة.

٢٤ - {إِلَى فِرْعَوْنَ} أعظم عمالقة مصر {وَهَامَانَ} وزيره وخصهما بالذكر؛ لأن الإرسال إليهما إرسال إلى القوم؛ لكونهم تحت تصرف الملك والوزير تابعين لهما، والناس على دين ملوكهم. {وَقَارُونَ} ابن عم موسى، خصه (٢) بالذكر؛ لكونه بمنزلة الملك من حيث كثرة أمواله وكنوزه، ولا شك أن الإرسال إلى قارون متأخر عن الإرسال إلى فرعون وهامان, لأنه كان إسرائيليًا ابن عم موسى، مؤمنًا في الأوائل، أعلم بني إسرائيل، حافظًا للتوراة، ثم تغير حاله بسبب الغنى، فنافق كالسامري، فصار ملحقًا بفرعون وهامان في الكفر والهلاك، فاحفظ هذا {فَقَالُوا}؛ أي: قال هؤلاء الثلاثة وأتباعهم في حق ما أظهره موسى من المعجزات خصوصًا في أمر العصا: إنه {سَاحِرٌ} وقالوا فيما ادعاه عليه السلام من رسالة رب العالمين: إنه {كَذَّابٌ} والكذاب: الذي عادته الكذب، بأن يكذب مرة بعد أخرى، ولم يقولوا: سحار؛ لأنهم كانوا يزعمون أنه ساحر، وأن سحرتهم أسحرُ منه، كما قالوا: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢)}.

وفيه تسلية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبيان عاقبة من هو أشد من قريش، بطشًا، وأقربهم زمانًا،

٢٥ - ولما عجزوا عن مقارعة الحجة بالحجة .. لجؤوا إلى استعمال القوة، ما هو دأب المحجوج المغلوب على أمره، وإلى هذا أشار بقوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ} موسى {بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا} وهو ما ظهر على يده من المعجزات القاهرة


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.