للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والكمال .. أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبرهم بأنه نهى عن عبادة غيره، وأورد ذلك بألين قول وألطفه، ليصرفهم عن عبادة الأوثان، ثم بين أن سبب النهي هو البينات التي جاءته، إذ قد ثبت بصريح العقل أن إله العالم الذي تجب عبادته هو الموصوف بصفات العظمة لا الأحجار المنصوبة والخشب المصورة، ثم ذكر أنه بعد أن نهى عن عبادة غيره أمر بعبادته تعالى، وقد ذكر من الأدلة على وجوده خلق الأنفس على أحسن الصور ورزقها من الطيبات، ثم تكوين الجسم من ابتداء كونه نطفةً وجنينًا إلى الشيخوخة ثم الموت.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ في آيَاتِ اللهِ ...} الآيات، وهذه الآيات عود على بدء بالتعجيب من أحوال المجادلين الشنيعة، وآرائهم الفاسدة، والتمهيد لما يعقبه من بيان تكذيبهم بالقرآن وبسائر الكتب والشرائع، وترتيب الوعيد على ذلك.

قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه لما كان الكلام من أول السورة إلى هنا في تزييف طرق المجادلين في آيات الله تعالى .. أمر هنا رسوله بالصبر على أذاهم وتكذيبهم، فإن الله سبحانه سينجز له ما وعده من النصر والظفر على قومه، ويجعل العاقبة له ولمن اتبعه من المؤمنين في الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: {الله الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا ...} الآية، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما أوعد المبطلين، وبالغ في ذلك بما فيه العبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .. عاد إلى ذكر الدلائل على وجوده ووحدانيته، بذكر نعمة من نعمه التي لا تحصى، ثم لفت أنظارهم إلى ما يحيط بهم من أدلة هم عنها معرضون.

قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا في الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما أطال الكلام في هذه السورة في توبيخ الذين يجادلون في آيات الله طلبًا للرياسة والجاه، والحصول على المال، وكسب حظوظ الدنيا .. ختمها بتهديدهم، وأبان أن هذه الدنيا فانية ذاهبة، فما فيها من مال وجاه ظل زائل لا يغني عنهم من الله شيئًا، وقد ضرب لهم المثل بمن كانوا قبلهم ممن كانوا أكثر