للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بكلامه الأزلي لا بالكلام الحادث الذي هو مركب من الأصواب والحروف: {كن}؛ أي: احدث، فيكون؛ أي: فيحدث.

ومعنى الآية (١): أي قل لهم أيها الرسول: هو الذي يحيي من يشاء بعد مماته، ويميت من يشاء من الأحياء، وإذا أراد كون أمر من الأمور التي يريد تكوينها .. فإنما يقول له: كن فيكون، بلا معاناةٍ ولا كلفةٍ.

٦٩ - ثم عجب سبحانه من أحوال المجادلين في آيات الله فقال: {أَلَمْ تَرَ} يا محمد أو أيها المخاطب {إِلَى} حال {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ} ويخاصمون {فِي آيَاتِ اللَّهِ} سبحانه؛ أي: في إبطالها ودفعها {أَنَّى يُصْرَفُونَ}؛ أي: كيف يصرفون عنها مع قيام الأدلة الدالة على صحتها؟

أي: انظر يا محمد إلى هؤلاء المكابرين المجادلين في آياته تعالى الواضحة، الموجبة للإيمان بها، الزاجرة عن الجدال فيها، وتعجب من أحوالهم الشنيعة، وآرائهم الركيكة، كيف يصرفون عن تلك الآيات القرآنية، والتصديق بها إلى تكذيبها، مع تعاضد الدواعي إلى الإقبال عليها بالإيمان وانتفاء الصوارف عنها بالكلية.

وتكرير ذم المجادلة في أربعة مواضع من هذه السورة (٢): إما لتعدد المجادل بأن يكون في أقوام مختلفة، أو المجادل فيه بأن يكون في آيات مختلفة أو للتأكيد.

وعبارة أبي السعود قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ ...} إلخ، تعجيب من أحوالهم الشنيعة، وآرائهم الركيكة، وتمهيد لما يعقبه من بيان تكذيبهم بكل القرآن، وبسائر الكتب والشرائع، وترتيب الوعيد على ذلك، كما أن ما سبق من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ ...} الخ: بيان لابتناء جدالهم على معنى فاسد، لا يكاد يدخل تحت الوجود، فلا تكرار فيه.

والخلاصة: أي انظر واعجب من هؤلاء المكابرين في آياتنا الواضحة، الموجبة للإيمان بها الزاجرة عن الجدال فيها، كيف يصرفون عنها مع تعاضد الدواعي على الإقبال عليها، وانتفاء الصوارف عنها، وقيام الأدلة على صحتها،


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.