للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أيديهم إلى أعناقهم مضمومةً إليها {وَالسَّلَاسِلُ} معطوف على {الْأَغْلَالُ}، والجار: في نية التأخير، والتقدير: إذ الأغلال والسلاسل في أعناقهم، وهو جمع سلسلة بالكسر، وذلك لأن السلسلة بالفتح: إيصال الشيء بالشيء، ولما كان في السلسلة بالكسر إيصال بعض الخلق بالبعض .. سميت بها.

٧٢ - وجملة قوله: {يُسْحَبُونَ} {فِي الْحَمِيمِ}: حال من فاعل {يَعْلَمُونَ} أو من ضمير {أَعْنَاقِهِمْ}؛ أي: سوف يعلمون عاقبة وبالهم حال كونهم مسحوبين؛ أي: مجرورين، تجرّهم على وجوههم خزنة جهنم بالسلاسل إلى الحميم؛ أي: إلى الماء المسخن بنار جهنم، ولا يكون إلا شديد الحرارة جدًّا، لأن ما سخن بنار الدنيا التي هي جزء واحد من سبعين جزءًا من نار جهنم، إذا كان لا يطاق حرارته .. فكيف ما يسخن بنار جهنم، وفي كلمة {فِي} إشعار بإحاطة حرارة الماء لجميع جوانبهم، كالظرف للمظروف، حتى كأنهم في عين الحميم ويسحبون فيها، والظاهر أن معنى {يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ}؛ أي: يجرون إلى النار على وجوههم.

ويجوز (١) أن يرتفع {السلاسل} على أنه مبتدأ، وخبره: محذوف لدلالة {فِي أَعْنَاقِهِمْ} عليه، ويجوز أن يكون الخبر {يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ} بحذف العائد؛ أي: يسحبون بها في الحميم، وعلى هذا قراءة الجمهور برفع {السلاسل}، وقراءة ابن عباس وابن مسعود وابن وثاب وعكرمة وزيد بن علي وأبو الجوزاء: {والسلاسل} بالنصب (٢) على المفعول، وقرؤوا {يسحبون} بفتح الياء مبنيًا للفاعل، فيكون {السلاسل} مفعولًا مقدمًا، وهو عطف جملة فعلية على جملة اسمية، وقرأ فرقة منهم ابن عباس {والسلاسل} بجر اللام، قال ابن عطية: على تقدير إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل، وقال الزجاج: المعنى على هذه القراءة وفي السلاسل يسحبون، واعترضه ابن الأنباري بأن ذلك لا يجوز في العربية، ومحل {يُسْحَبُونَ} على تقدير عطف {السلاسل} على {الْأَغْلَالُ} وعلى تقدير كونها مبتدأ، وخبرها: {فِي أَعْنَاقِهِمْ} النصب على الحال، أو لا محل له، بل هو مستأنف جواب سؤال مقدر.


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.