للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خليفتكم عليهم. وقال عطاء: لا تخافوا رد ثوابكم، فإنه مقبول، ولا تحزنوا على ذنوبكم، فإنّي أغفرها لكم، والظاهر: عدم تخصيص تنزل الملائكة عليهم بوقت معين، وعدم تقييد نفي الخوف والحزن بحالة مخصوصة، كما يشعر به حذف المتعلق في الجميع {وَأَبْشِرُوا}؛ أي: سروا وافرحوا {بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} بها في الدنيا على ألسنة الرسل، فإنكم واصلون إليها، مستقرون بها، خالدون في نعيمها.

٣١ - وهذا من بشارتهم في أحد المواطن الثلاثة، وعن ثابت: بلغنا إذا انشقت الأرض يوم القيامة .. ينظر المؤمن إلى حافظيه قائمين على رأسه، يقولان له: لا تخف ولا تحزن، وأبشر بالجنة الموعودة، وأنك سترى اليوم أمورًا لم تر مثلها، فلا تهولنك، فإنما يراد بها غيرك {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وهذا من بشارتهم (١) في الدنيا؛ أي: نحن أعوانكم في أموركم، نلهمكم الحق ونرشدكم إلى ما فيه خيركم وصلاحكم، بدل ما كانت الشياطين تفعل بالكفرة، ولعل ذلك عبارة عما يخطر ببال المؤمنين المستمرين على الطاعات، من أن ذلك بتوفيق الله وتأييده لهم بواسطة الملائكة، قال جعفر - رحمه الله تعالى -: من لاحظ في أعماله الثواب والأغراض .. كانت الملائكة أولياءه، ومن عملها على مشاهدته تعالى .. فهو وليه؛ لأَنه يقول: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} و {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ} {فِي الْآخِرَةِ} نمدكم بالشفاعة، ونتلقاكم بالكرامة حين يقع بين الكفرة وقرنائهم ما يقع من التعادي والتخاصم. وقيل: هذا من قول الله تعالى؛ أي: نحن المتولون لحفظكم ومعونتكم في أمور الدنيا وأمور الآخرة، ومن كان الله وليه .. فاز بكل مطلب، ونجا من كل مكروه. وقال مجاهد: تقول الملائكة لهم: نحن قرناؤكم الذين كنا معكم في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة .. قالوا لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة. وقال السدي: نحن الحفظة لأعمالكم في الدنيا، وأولياؤكم في الآخرة.

والمعنى (٢): أي نحن أعوانكم في أمور دنياكم، نلهمكم الحق ونرشدكم إلى ما فيه خيركم وصلاحكم في دنياكم، وكذلك نكون معكم في الآخرة، نؤمنكم من الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ويوم البعث والنشور، ونجاوز بكم


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.