للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{قَدِيرٌ}؛ أي: قادر لا يعجزه شيء كائنًا ما كان، وقد وعد بذلك، فلا بد من أن يفي به، والحكمة في إحياء الموتى هي المجازاة والمكافأة.

ومعنى الآية (١): ومن الدلائل على قدرته تعالى على البعث وإحياء الموتى بعد بلائها، وإعادتها لهيئتها كما كانت من بعد فنائها: أنك ترى الأرض يابسةً غبراء لا نبات بها ولا زرع، فإذا نزل عليها الغيث من السماء .. تحركت بالنبات، وانتفخت وأخرجت ألوان الزرع والثمار، ما يشاهد من ارتفاع الأرض وانتفاخها، ثمَّ تصدّعها وتشقُّقها إذا حان ظهور النبات منها، وتراه يسمو في الجوّ ويغطّي قشرتها، ثم تتشعّب عروقه، وتغلظ سوقه، إن الذي أحيا هذه الأرض الدارسة، وأخرج منها النبات وجعلها تهتز بالزرع، قادر على أن يحيي أموات بني آدم بعد مماتهم، وهو القدير على كل شيء، لا يعجزه شيء كائنًا ما كان.

٤٠ - {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ}؛ أي: يميلون عن الاستقامة {فِي آيَاتِنَا} والعدل فيها بالطعن فيها، بأنها كذب أو سحر أو شعر، ويتحريفها بحملها على المحامل الباطلة.

وقرأ حمزة: {يلحدون} بفتح الياء والحاء من لحد الثلاثي، وهو بمعنى ألحد. ففي الآية قراءَتان سبعيتان. وهما: ضم الياء وكسر الحاء. من ألحد الرباعي، وهي قراءة الجمهور، وفتح الياء والحاء من لحد الثلاثي، وهي قراءة حمزة، وهما لغتان، لحد بمعنى: جار عن الحق، وألحد بمعنى: جادل ومارى {لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} في وقت من الأوقات، بل نحن نعلمهم فنجازيهم بإلحادهم.

والمعنى: أي إن الذين يميلون عن الحق في حججنا تكذيبًا بها، وجحودًا لها، نحن بهم عالمون، لا يخفون علينا، ونحن لهم بالمرصاد إذا وردوا علينا، وسنجازيهم بما يستحقون، ولا يخفى ما في ذلك من شديد الوعيد، كان يقول الملك المعنيب: إن الذين ينازعونني في ملكي أعرفهم ولا شك فهو يريد تهديدهم وإلقاء الرعب في قلوبهم، ثم بيّن كيفية الجزاء والتفاوت بين المؤمن والكافر، فقال {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ}: {الهمزة}: للاستفهام التقريري، داخلة على محذوف


(١) المراغي.