للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{نُقَيِّضْ لَهُ} بالنون. وقرأ السلمي وعلي بن زيد وابن أبي إسحاق ويعقوب وعصمة عن عاصم وعن الأعمش وأبو عمرو بخلاف عنه، والعليمي عن أبي بكر {يقيض} بالياء مبنيًا للفاعل؛ أي: يقيض الرحمن. وقرأ ابن عباس {يقيض له} بالبناء للمفعول {شيطان} الرفع؛ أي (١): ييسر له شيطان ويعد له، وهذا عقاب على الكفر بالختم

٣٧ - {وَإِنَّهُمْ}؛ أي: وإن الشياطين الذين قيض كل واحد منهم، لكل واحد ممن يعشو {لَيَصُدُّونَهُمْ}؛ أي: ليمنعون قرناءهم، فمدار جمع الضميرين اعتبار معنى من، كما أن مدار إفراد الضمائر السابقة اعتبار لفظها {عَنِ السَّبِيلِ}؛ أي: عن الطريق المستبين الذي من حقه أن يسبل، وهو الذي يدعو إليه القرآن {وَيَحْسَبُونَ}؛ أي: والحال أن العاشين يظنون {أَنَّهُمْ}؛ أي: أن الشياطين {مُهْتَدُونَ}؛ أي: إلى السبيل المستقيم؛ أي: يحسب الكفار أن الشياطين مهتدون فيطيعونهم، وإلا لما اتبعوهم، أو يحسب الكفار بسبب تلك الوسوسة، أنهم في أنفسهم مهتدون؛ لأن اعتقاد كون الشياطين مهتدين، مستلزم لاعتقاد كونهم كذلك، لاتحاد مسلكهما.

والمعنى (٢): أي وإن هؤلاء الشياطين، الذين يقيضهم الله سبحانه وتعالى لكل من يعشو عن ذكر الرحمن، ليحولن بينهم وبين سبيل الحق، ويوسوسن لهم، أنهم على الجادة، وسواهم على الباطل، فيطيعونهم ويكرهون إليهم الإيمان بالله، والعمل بطاعته.

٣٨ - ثم ذكر حال الكافر مع القرين يوم القيامة {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} حتى ابتدائية داخلة على الجملة الشرطة، ومع هذا غاية لما قبلها، فإن الابتدائية لا تنافيها. والمعنى: يستمر العاشون على ما ذكر من مقارنة الشياطين والصد والحسبان الباطل، حتى إذا جاءنا كل واحد منهم مع قرينه يوم القيامة، وقرأ أبو جعفر (٣) وشيبة وقتادة والزهري والجحدري وأبو بكر والحرميان - نافع وابن كثير - {حتى إذا جاآنا} على التثنية؛ أي: العاشي والقرين إعادةً على لفظ {من}، والشيطان:


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.