للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السماء، وتضرع إلى الله تعالى، فقال الله: يا آدم امسح بيدك على رأس الكلب، فمسح فكرَّ الكلب على السباع والوحوش حتى هزمها، ومن ذلك اليوم صار الكلب عدو للسباع، التي هي أعداء لآدم وأولاده، وأصله: أن إبليس بصق على آدم حين كان طينًا، فوقع بصاقه على موضع سرته، فأمر الله سبحانه وتعالى جبرئيل حتى قور ذلك الموضع، فخلق من القوارة الكلب، ولذا أنس بآدم وصار حاميًا له. ويقال: المؤمن بين خمسة أعداء: مؤمن يحسده، ومنافق يبغضه، وعدو يقتله، ونفس تغويه، وشيطان يضله.

والمعنى (١): أي إنه مظهر لعداوته لكم غير متحاش، ولا متكتم لها، كما يدل على ذلك ما وقع بينه وبين أبيكم آدم، من امتناعه عن السجود له، وما ألزم به نفسه من إغواء جميع بني آدم إلا عباد الله المخلصين.

٦٣ - {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى} إلى بني إسرائيل {بِالْبَيِّنَاتِ}؛ أي: بالمعجزات الواضحة والشرائع الربانية، وقال قتادة: البينات هنا الإنجيل {قَالَ} لهم عيسى {قَدْ جِئْتُكُمْ} يا بني إسرائيل وبعثت إليكم {بِالْحِكْمَةِ}؛ أي: بالإنجيل أو بالشريعة لأعلمكم، وقيل: الحكمة كل ما يرغب في الجميل، ويكف عن القبيح {وَ} جئتكم {لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} من أحكام التوراة، قيل: إن بني إسرائيل اختلفوا بعد موت موسى في أشياء من أمر دينهم، وقيل: ذلك البعض ما يتعلق بأمور الدين، وأما ما يتعلق بأمور الدنيا فليس بيانه من وظائف الأنبياء، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم أعلم بأمور دنياكم", لأن اختلافهم يكون فيها وفي غيرها من الأمور التي لا تتعلق بالديانات، فأمور الديانات بعض ما يختلفون فيه، وبين لهم في غيره ما احتاجوا إليه، واللام في قوله: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ} معطوفة على مقدر، كأنه قال: قد جئتكم بالحكمة لأعلمكم إياها, ولأبين لكم.

فإن قلت (٢): كيف قال عيسى عليه السلام لأمته ذلك، مع أن كل نبي يلزمه أن يبين لأمته كل ما يختلفون فيه؟.


(١) روح البيان.
(٢) فتح الرحمن.