للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نعتًا، وتسمية الكوفيين له عمادًا، لكونه حافظًا لما بعده، حتى لا يسقط عن الخبرية، كعماد البيت، فإنه يحفظ سقفه من السقوط، وقرأ الجمهور (١): {الظَّالِمِينَ} بالنصب، على أنه خبر كان، والضمير ضمير فصل، وقرأ عبد الله وأبو زيد النحوي: {الظالمون} بالرفع على أنه خبر {هُمُ}، و {هُمُ}: مبتدأ، وذكر أبو عمرو الجرمي أن لغة تميم جعل ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ، ويرفعون ما بعده على الخبر، وقال أبو زيد: سمعتهم يقرؤون {تجدوه عند الله هو خيرٌ وأعظمُ أجرا}، يعني: برفع خير وأعظم.

والمعنى (٢): أي: إن الذين اجترموا الكفر بالله في الدنيا، يجازيهم ربهم بعذاب جهنم خالدين فيه أبدًا لا ينفك عنهم، ولا يجدون عنها حولًا، ولا يخفف عنهم لحظةً، وهم فيه ساكتون سكوت بأس من النجاة والفرج، ولا منافاة بين هذا وبين قوله الآتي: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} إلخ؛ لأن تلك أزمنة متطاولة، وأحقاب ممتدة، فتختلف بهم الأحوال، فيسكتون تارة لغلبة اليأس عليهم، وعلمهم أنه لا فرج، ويشتد عليهم العذاب أخرى فيستغيثون.

ثم ذكر أن ذلك العذاب جزاء ما كسبت أيديهم، فقال: وما ظلمنا هؤلاء المجرمين بفعلنا بهم، ما أخبرناكم أننا فاعلون بهم، ولكن هم الذين أساؤوا إلى أنفسهم، فكذبوا الرسل وعصوهم، بعد أن أقاموا الحجة عليهم فأتوهم بباهر المعجزات.

٧٧ - ثم ذكر ما يقوله أهل النار، وما يجيبهم به خزنتها، فقال: {وَنَادَوْا}؛ أي: ونادى المجرمون من شدة العذاب، فقالوا: {يَا مَالِكُ} هو خازن النار، قرأ (٣) الجمهور: {يَا مَالِكُ} بدون ترخيم، وقرأ عبد الله وعلي وابن وثاب والأعمش: {يا مالِ} بالترخيم، على لغة منم ينتظر الحرف المحذوف، وقرأ أبو السرار الغنوي: {يا مالُ} بالبناء على الضم، جعله اسمًا على حياله على لغة من لا


(١) البحر المحيط والمراغي.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.