للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

محذوف؛ أي: حال كون ذلك الطعام يغلي، ويفور في بطون الكفار غليانًا كغليان الماء الحار، الذي انتهى حره وغليانه لشدة حرارته وكراهية المعدة إياه، والغلي والغليان: التحرك والارتفاع. وفي الحديث: أيها الناس اتقوا الله حق تقاته، فلو أن قطرةً من الزقوم قطرت على الأرض لأمرت على أهل الدنيا معيشتهم، فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره". أخرجه الترمذي عن ابن عباس، وقال حديث حسن صحيح.

وقال الحسن (١): {كالمهل} بفتح الميم لغة فيه، وقرأ الجمهور وعمرو بن ميمون وأبو رزين والأعرج وأبو جعفر وشيبة وطلحة: {تغلي} بالتاء الفوقية، على أن الفاعل ضمير يعود على الشجرة، والجملة خبر ثان، أو حال، أو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي تغلي غليًا مثل غلي الحميم، وهو الماء المسخن الذي يتطاير من غليانه، وقرأ مجاهد وقتادة والحسن وابن كثير وابن عامر وحفص وابن محيصن وورث عن يعقوب: {يَغْلِي} بالياء التحتانية، على أن الفاعل ضمير يعود على الطعام، ولا يصح أن يكون الضمير عائدًا إلى المهل؛ لأنه مشبه به، وإنما يغلي ما يشبه بالمهل.

والمعنى (٢): أن الزقوم وهو ثمر هذه الشجرة التي في الجحيم طعام للكافر، الكثير الذنوب والآثام، يشبه المهل؛ أي: دردي الزيت الأسود، يغلي في بطون الكفار كغلي الماء المسخن، البالغ نهاية الحرارة،

٤٧ - وقوله: {خُذُوُه} على تقدير القول، والخطاب للزبانية؛ أي: يقال للزبانية يوم القيامة: خذوا الأثيم، فلا يأخذونه إلا بالنواصي والأقدام {فَاعْتِلُوهُ}؛ أي: جروه بالعنف والقهر، فإن العتل الأخذ بمجامع الثوب ونحوه، وجره بقهر وعنف {إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ}؛ أي: إلى وسطها قاله ابن عباس، أو إلى معظمها الذي تستوي المسافة إليه من جميع جوانبه، قاله الحسن. وقرأ الجمهور (٣): {فَاعْتِلُوهُ} بكسر التاء،


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.