للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أجل ما عملوا درجات متفاوة حسنًا وقبحًا، والدرجات: طبقات عالية في مراتب المثوبة، وإيرادها هنا بطريق التغليب، قال ابن زيد: درجات أهل النار في هذه الآية تذهب سفلًا، ودرجات أهل الجنة تذهب علوًا.

فإن قلت (١): كيف وصف الفريقين بأنّ لكل منها درجات، مع أنَّ أهل النار لهم دركات لا درجات؟

قلت: الدرجات: هي الطبقات من المراتب مطلقًا، أو فيه إضمارٌ تقديره: ولكل فريق درجات أو دركات، لكن حذف الثاني اختصارًا لدلالة المذكور عليه.

و {اللام} في قوله: {وَلِيُوَفِّيَهُمْ}: معللة لمحذوف، تقديره: وجازاهم بما ذكر ليوفِّيهم {أَعْمَالَهُمْ}؛ أي: ليعطيم الله سبحانه أجزية أعمالهم وافيةً تامةً، من وفاه حقّه. إذا أعطاه إياه وافيًا تامًا {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}: بنقص ثواب الأولين وزيادة عقاب الآخرين

وفي"الروح": {اللام} في {لِيُوَفِّيَهُمْ} متعلقة بمحذوف مؤخر، كأنه قيل: وليوفهم أعمالهم ولا يظلمم حقوقهم فعل ما فعل من تقدير الأجزية على تقدير أعمالهم، فجعل الثواب درجات والعقاب دركات، وجملة قوله: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} في محل النصب على الحال من مفعول {يُوَفِّيَهُمْ}، أو مستأنفة مقررة لما قبلها.

وقرأ الجمهور (٢): {وَلِيُوَفِّيَهُمْ} بالياء؛ أي: الله تعالى، وقرأ الأعمش والأعرج وشيبة وأبو جعفر والأخوان: حمزة والكسائي وابن ذكوان ونافع بخلاف عنه: بالنون، وقرأ السلميّ: بالتاء من فوق؛ أي: {ولتوفيهم} الدرجات، أسند التوفية إليها مجازًا.

والمعنى: أي ولكل من الأبرار والفجار من الإنس والجن مراتب عند الله يوم القيامة بحسب أعمالهم، من خير أو شرّ في الدنيا، وليوفيهم أجور أعمالم: المحسن منهم بإحسانه، والمسيء منهم بإساءته، وهم لا يظلمون شيئًا، فلا


(١) فتح الرحمن.
(٢) البحر المحيط.