للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعاقب المسيء إلا بعقوبة ذنبه، ولا يحمل عليه ذنب غيره، ولا يبخس المحسن منهم ثواب إحسانه.

٢٠ - وبعد أن بين سبحانه أنه يعطي كل ذي حق حقه .. بين الأهوال التي يلاقيها الكافرون، فقال: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ} والظرف تعلق بمحذوف، تقديره: واذكر يا محمد لقومك أهوال يوم ينكشف الغطاء، ويعرض الذين كفروا؛ أي: يقرب الذين كفروا على النار لتعذيبهم، وينظرون إليها.

وقيل: معنى (١) {يُعْرَضُ}: يعذبون، من قولهم: عرض الأسارى على السيف؛ أي: قتلوا، وإلا فالمعروض عليه يجب أن يكون من أهل الشعور والإطلاع، والنار ليست منه، وقيل: تعرض النار عليهم بأن يوقفوا بحيث تبدو لهم النار، ومواقعم فيها، وذلك قبل أن يلقوا فيها، فيكون من باب القلب مبالغةً بادعاء كون النار مميزًا ذا قهر وغلبة.

يقول الفقير: لا حاجة عندي إلى هذين التأويلين، فإن نار الآخرة لها شعور وإدراك، بدليل أنها تقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}، وتقول للمؤمنين: "جُزْ يا مؤمن فإن نورك أطفأ ناري"، وأمثال ذلك، وأيضًا لا بعد في أن يكون عرضهم على النار باعتبار ملائكة العذاب، فإنهم حاضرون عندها بأسباب العذاب، وأهل النار ينظرون إليهم وإلى ما يعذبونهم به عيانًا. والله أعلم.

أي: اذكر يوم يقربون إليها، فيقال لهم توبيخًا وتقريعًا: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ}؛ أي: أصبتم وأخذتم ما كتب لكم من طيبات الدنيا ولذائذها وحظوظها {فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}؛ أي: بالطيبات وانتفعتم بها، فلم يبق لكم بعد ذلك شيء منها؛ لأنّ إضافة الطيبات تفيد العموم. قال سعدي المفتي: قوله: {وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} كأنه عطف تفسيري لـ {أَذْهَبْتُمْ}. والطيبات هنا (٢): المستلذّات من المآكل والمشارب والملابس والمفارش والمراكب والمواطىء وغير ذلك، مما يتنعم به أهل الرفاهية.


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.