للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المستقيم، فقال: {أُولَئِكَ} الموصوفون بعدم إجابة الداعي {في ضَلَالٍ مُبِينٍ}؛ أي: ظاهر كونه ضلالًا، بحيث لا يخفى على أحد، حيث أعرضوا عن إجابة من هذا شأنه؛ أي: (١) وأولئك الذين يفعلون ذلك الإعراض، يكونون في ضلال بيّن، وجورٍ عن قصد السبيل, لأنّ طريق الحقّ واضحة، وأعلامه منصوبة، والوصول إليه ميسور، فمن جانفه وأعرض عنه .. فقد أجرم واستحقّ الجزاء الذي هو له أهلٌ.

٣٣ - ثم ذكر سبحانه دليلًا على البعث، فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا} {الهمزة} (٢) فيه: للاستفهام الإنكاري، داخلة على مقدر يستدعيه المقام، و {الواو}: عاطفة على ذلك المقدّر، والرؤية هنا: هي القلبية التي بمعنى العلم؛ أي؛ ألم يتفكروا, ولم يعلموا علمًا جازمًا في حكم المشاهدة والعيان {أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} ابتداءً من غير مثال؛ أي: خلق هذه الأجرام العظام. {وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنّ}؛ أي: لم يتعب، ولم ينصب بذلك أصلًا، أو لم يعجز عنه.

وقرأ الجمهور (٣): {وَلَم يَعىَ} بسكون العين وفتح الياء، مضارع عيي على وزن فعل بكسر العين، وقرأ الحسن: بكسر العين وسكون الياء، ووجهه: أنّه فتح في الماضي عين الكلمة، كما قالوا في بقي بقا. وهي لغة لطيء، ولمّا بني الماضي على فعل بفتح العين .. بني مضارعه على يفعل بكسر العين، فجاء يعيي، فلمَّا دخل الجازم .. حذف الياء، فبقي يعي بنقل حركة الياء إلى العين، فسكنت الياء وبقي يعي.

{بِقَادِرٍ}: خبر {أَنْ} ووجه (٤) دخول الباء: اشتمال النفي الوارد في صدر الآية على {أَنْ} وما في حيّزها، كأنّه قيل: أو ليس الله بقادر {عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} ولذا أجيب عنه بقوله: {بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} تقريرٌ للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود؛ يعني: أن الله تعالى إذا كان قادرًا على


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.
(٤) روح البيان.