للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

للأمّة فقط.

فإن قلت: كيف يجوز تخصيص الخطاب الثاني بالأمّة في مقام توجيه الخطاب الأول إليه - صلى الله عليه وسلم - بخصوصه؟.

قلت: إنّ خطاب رئيس القوم بمنزلة خطاب من معه من أتباعه، فيجوز أن يخاطب الأتباع في مقام تخصيص الرسل بالخطاب؛ لأنّ المقصود سماعهم.

{وَتُعَزِّرُوهُ}؛ أي: ولكي تعزّر الله تعالى أنت وأمّتك، وتنصروه، وتقوّوه بتقوية دينه ونصرة رسوله، من التعزير: وهو النصرة مع التعظيم؛ أي: ولتنصروا الله تعالى بنصر دينه تعالى {وَتُعَزِّرُوهُ} تعالى؛ أي: ولكي توقّر الله تعالى أنت وأمّتك، وتعظّموه باعتقاد أنه متصف بجميع صفات الكمال، منزّه عن جميع سمات النقصان، من التوقير: وهو التبجيل والتعظيم. {وَتُسَبِّحُوهُ} تعالى؛ أي: ولكي تسبّح الله تعالى أنت وأمّتك، وتنّزهوه عما لا يليق به، وعمّا لا يجوز إطلاقه عليه تعالى من الشريك والولد، أو تصلّوا له، من السبحة: وهي الدعاء وصلاة التطوع، قال في "القاموس": التسبيح: الصلاة، ومنه قوله: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) أي: من المصلّين. {بُكْرَةً} وغدوة {وَأَصِيلًا} وعشيّا، فالبكرة: أوّل النهار، والأصيل: آخره، أو تسبّحوه دائمًا، فإنه يراد بهما: الدوام، وفي "عين المعاني": البكرة: صلاة الفجر، والأصيل: الصلوات الأربع، فتكون الآية مشتملة على جميع الصلوات المفروضة.

وجوّز (١) بعض أهل التفسير أن يكون ضمير {تعزّروه وتوقّروه} لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا وجه له؛ لأنه تفكيك وتشتيت للضمائر، إذ ضمير {رسوله} و {تسبحوه} لله تعالى قطعًا، وعلى تقدير يكون له وجه، فمعنى تعظيم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتوقيره حقيقةً: اتباع سنته في الظاهر والباطن، والعلم بأنه زبدة المخلوقات، وخلاصتها وأفضلها على الإطلاق، وحينئذٍ الوقف على {توقروه} وقف تام، ثم يبدأ بقوله: {وَتُسَبِّحُوهُ}.


(١) روح البيان.