للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قدامها، إذ إنها من المواراة: وهي الاستتار، فما استتر عنك .. فهو وراء خلفًا كان أو قدّامًا، فإذا رأيته .. لا يكون وراءك، ويرى بعض أهل اللغة: أنّ وراء من الأضداد، فتطلق تارةً على ما أمامك وأخرى على ما خلفك، والحجرات بضم الجيم وفتحها وتسكينها، واحدها حجرة: وهي القطعة من الأرض المحجورة؛ أي: الممنوعة عن الدخول فيها بحائط ونحوه، فهي فعلة بمعنى مفعولة: كما لغرفة، والقبضة. اهـ "بيضاوي".

والمراد بها: حجرات نسائه - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تسعة، لكل منهنّ حجرة من جريد النخل، على أبوابها المسوخ من شعر أسود، وكانت غير مرتفعة، يتناول سقفها باليد، وقد أدخلت في عهد الوليد بن عبد الملك بأمره في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبكى الناس لذلك، وقال سعيد بن المسيب يومئذٍ: لوددت أنهم لو تركوها على حالها، لينشأ ناس من أهل المدينة، ويقدم القادم من أهل الآفاق، فيرى ما اكتفى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته، فيكون ذلك مما يزهد الناس في التفاخر والتكاثر فيها.

{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا}؛ أي: ولو ثبت صبرهم وانتظارهم إلى خروجك إليهم .. لكان الصبر خيرًا لهم من الاستعجال، والصبر: هو حبس النفس عن أن تنازع إلى هواها.

{فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} الفاسق: هو الخارج عن حدود الشرع من قولهم: فسق الرطب: إذا خرج من قشره، والنبأ: الخبر، قال الراغب: ولا يقال للخبر: نبأ إلا إذا كان ذا فائدة عظيمة، وبه يحصل علم أو غلبة ظنّ.

{فَتَبَيَّنُوا} والتبين: طلب البيان والوضوح.

{لَعَنِتُّمْ} والعنت محركة: الفساد والإثم والهلاك، ودخول المشقة على الإنسان. كما في "القاموس"، يقال: عنت فلان: إذا وقع في أمر يخاف منه التلف. كما في "المفردات". فهو من الباب الرابع مثل: طرب يطرب طربًا، ومعنى لعنتم؛ أي: لوقعتم في الجهد والهلاك.