للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} شبه ما وقع من بعض الصحابة من القطع في أمر من الأمور الدينيّة، قبل أن يحكم الله ورسوله به بحال من يتقدم في المشي في الطريق مثلًا لوقاحته على من يجب أن يتأخَّر عنه، ويقفو أثره تعظيمًا له، فعبر عن الحالة المشبهة بما يعبر به عن المشبه بها على طريق الاستعارة التمثيلية.

ومنها: التشبيه المرسل المجمل، في قوله: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} لوجود أداة التشبيه.

ومنها: حذف مفعول {تُقَدِّمُوا}. كقوله: {يُحْيِي وَيُمِيتُ}. وقولهم: هو يعطي ويمنع، وفي الحذف من البلاغة ما ليس في الذكر؛ لأنّ الخيال فيه يذهب كل مذهب.

ومنها: التكرير في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فإنَّ في تكريره فائدة بلاغية لطيفة: وهي إظهار الشفقة على المسترشد، وإبداء المناصحة له على آكد وجه؛ ليقبل على استماع الكلام، ويعيره باله، ولتحديد المخاطبين بالذات، وأنهم هم المعنيون بالمناصحة. وفيه أيضًا: استدعاء لتجديد الاستبصار والتيقظ، والتنبه عند كل خطاب.

ومنها: الكناية في قوله: {مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} فإنه كناية من موضع خلوته - صلى الله عليه وسلم -. ومقيله مع بعض نسائه، وقد ازدادت الكناية بإيقاع الحجرات معرفة بالألف واللام، دون الإضافة إليه، وفي ذلك من حسن الأدب ما لا يخفى.

ومنها: التنكير في قوله: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} للدلالة على عظمهما.

ومنها: التنكير في قوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ} لإفادة الشمول والعموم؛ لأنّ النكرة إذا وقعت في سياق الشرط .. عمّت، كما تعمّ إذا وقعت في سياق النفي،