للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خلاء في العالم، وفي المقام خلاف طويل لا مستند له.

٧ - {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}؛ أي (١): بسطناها، وفرشناها على وجه الماء مسيرة خمس مئة عام من تحت الكعبة، وهذا دليل على أنّ الأرض مبسوطة، وليست على شكل الكرة، كما في "كشف الأسرار"، وفيه أنه لا منافاة بين بساطتها وكرويتها، كما عرف في محله. {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}؛ أي: جبالًا ثوابت أرسيت بها الأرض، إذ لو لم تكن .. لكانت مضطربةً مائلةً إلى الجهات المختلفة، كما كانت قبل، إذ روي: أنّ الله لمّا خلق الأرض .. جعلت تمور، فقالت الملائكة: ما هي بمقر أحدٍ على ظهرها، فأصبحت وقد أرسيت بالجبال، لم تدر الملائكة مم خلقت، من رسا الشيء إذا ثبت، والتعبير عنها بهذا الوصف؛ للإيذان بأنّ إلقاءها لإرساء الأرض بها.

{وَأَنْبَتْنَا}؛ أي: وأخرجنا {فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ}؛ أي: من كل صنف، وقوله في آية أخرى: {أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى}؛ أي: أنواعًا متشابهة. {بَهِيجٍ}؛ أي: حسنٍ طيب من الثمار والنباتات والأشجار، كما قال في موضع آخر: {ذَاتَ بَهْجَةٍ}؛ أي: يبتهج به؛ أي: يسر، والبهجة: حسن اللون، وظهور السرور فيه.

والمعنى (٢): أي والأرض بسطناها، وألقينا فيها جبالًا ثوابت، لئلا تميد وتضطرب، وأنبتنا فيها من كل صنف من صنوف النبات ما حسن منظره، وراق مخبره.

٨ - وقوله: {تَبْصِرَةً}؛ أي: تعليمًا منّا، وتفهيمًا لكل عبد منيب كيفية الاستدلال على قدرتنا. {وَذِكْرَى}؛ أي: تذكرة منّا، وعظة لكل عبد منيب، مفعولان لأجله لبنيناها وما بعده، وقوله: {لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}؛ أي: راجع إلى الله بالتوبة، متدبر في بديع صنعه، وعجائب مخلوقاته، متعلق بكل من المصدرين؛ أي: فعلنا البناء والتزيين، وما بعدهما تعليمًا منّا، وعظةً لكل عبد منيب.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.