للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{حَفِيظٍ}؛ أي: حافظ التوبته من النقض، ولعهده من الرفض، أو الحافظ لذنوبه حتى يتوب منها، وقال قتادة: هو الحافظ لما استودعه من حقّه ونعمته، وقيل: هو الحافظ لأمر الله، وقال سهل رضي الله عنه: الأوَّاب: هو الراجع إلى الله تعالى بقلبه من الوسوسة إلى السكون إلى الله الحفيظ المحافظ على الطاعات والأوامر، وقال المحاسبيّ: الأوّاب: الراجع بقلبه إلى ربّه، والحفيظ: الحافظ قلبه في رجوعه إليه أن لا يرجع منه إلى أحد سواه، وقال الوراق: هو المحافظ لأوقاته وخطراته؛ أي: الخطرات القلبية والإلهامات الروعية، وفي الحديث: "من حافظ على أربع ركعات في أول النهار .. كان أوّابًا حفيظًا".

٣٣ - {مَنْ}: بدل أو عطف بيان من {كُلِّ أَوَّابٍ} وقيل: يجوز أن يكون بدلًا بعد بدل من المتقين، وفيه نظر (١)؛ لأنّه لا يتكرّر البدل والمبدل منه واحد؛ أي: وأزلفت الجنة لمن {خَشِيَ} وخاف {الرَّحْمَنَ} سبحانه حال كونه متلبسًا {بِالْغَيْبِ} عن الناس، قال الضحاك والسدي: يعني: في الخلوة، حيث لا يراه أحد، وقال الحسن: إذا أرخى الستر، وأغلق الباب. والجار والمجرور: متعلق بمحذوف هو حال من فاعل {خَشِيَ} أو مفعوله أو صفة لمصدره؛ أي: خشية متلبسة بالغيب حيث خشي عقابه وهو غائب عنه، قال بعضهم: والخشية خوف يشوبه تعظيم، قالوا: ومن رزق الخشية لم يعدم الإنابة، ومن رزق الإنابة لم يعدم التفويض والتسليم، ومن رزق التفويض والتسليم .. لم يعدم الصبر على المكاره، ومن رزق الصبر على المكاره .. لم يعدم الرضى.

والتعرض لعنوان الرحمانية (٢)؛ للإشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه راجون رحمته، أو بأنّ علمهم بسعة رحمته لا يصدهم عن خشيته، وأنهم عاملون بموجب قوله: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)}.

{وَجَاءَ} ربَّه يوم القيامة {بِقَلْبٍ مُنِيبٍ}؛ أي: راجع إلى الله تعالى مخلص


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.