للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البعث. {وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ} والمرجع للمجازاة في الآخرة لا إلى غيرنا، لا استقلالًا ولا اشتراكًا، فليستعدوا للقائنا، فتكرير الضمير بعد إيقاعه اسمًا؛ {إنّ} للتأكيد والاختصاص والتفرد.

٤٤ - {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ} بدل من {يَوْمَ} الثاني، أو ظرف للمصير، أو ظرف للخروج.

وقرأ الجمهور (١): {تَشَقَّقُ} بإدغام التاء في الشين، وباقي السبعة: بتخفيفها على حذف إحدى التاءين تخفيفًا، وقرىء: {تشقّق} بضم التاء، مضاوع شقّقت، على البناء للمفعول، وقرىء: {تنشق} مضارع انشقّت، وقرأ زيد بن عليّ: {تتشقّق} بإثبات التاءين على الأصل؛ أي: يخرجون من قبورهم يوم تتشقّق وتتصدّع وتنفتح {عَنْهُمْ}؛ أي: عن الموتى حال كونهم {سِرَاعًا}؛ أي: مسرعين إلى إجابة الداعي من غير التفات يمينًا وشمالًا، وهذا كقوله: {مهطعين إلى الداع} فهو حال من الضمير المجرور، والعامل فيه {تَشَقَّقُ} وقيل: محذوف، تقديره: يخرجون، فهو حال من الواو في {يخرجون}، قاله الحوفّي، ويجوز أن يكون هذا المقدر عاملًا في {يَوْمَ تَشَقَّقُ} كما مرّ آنفًا.

{ذَلِكَ} الإخراج بتشقّق الأرض عنهم {حَشْرٌ}؛ أي: بعث وجمع وسوق {عَلَيْنَا يَسِيرٌ}؛ أي: هيّن علينا للحساب والجزاء، فكيف ينكره عاقل؛ أي (٢): نقول: كن فيكون، وهو كلام معادل لقول الكفرة: {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}. وتقديم الجار والمجرور على عامله؛ لتخصيص اليسر به تعالى، فإنّ ذلك لا يتيسر إلا على العالم القادر لذاته، الذي لا يشغله شأن من شأن، كما قال تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ}. وعبارة أبي حيّان: فصل بين الموصوف وصفته بمعمول الصفة وهو {عَلَيْنَا}؛ أي: يسير علينا، وحسَّن ذلك كون الصفة فاصلة.


(١) الشوكاني والبحر المحيط.
(٢) روح البيان.